محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، عن حجين بن المثنى ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن عقيل عن الزهري، عن عروة عن عائشة كما ذكره الإمام أحمد رحمه الله. وهذا الحديث من المشكلات على كل من الأقوال الثلاثة، أما قول الافراد ففي هذا إثبات عمرة أما قبل الحج أو معه، وأما على قول التمتع الخاص فلانه ذكر أنه لم يحل من إحرامه بعد ما طاف بالصفا والمروة.
وليس هذا شأن المتمتع، ومن زعم أنه إنما منعه من التحلل سوق الهدي كما قد يفهم من حديث ابن عمر عن حفصة أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة، ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: إني لبدت رأسي، وقلدت هدي فلا أحل حتى أنحر. فقولهم بعيد لان الأحاديث الواردة في إثبات القران ترد هذا القول، وتأبى كونه عليه السلام إنما أهل أولا بعمرة ثم بعد سعيه بالصفا والمروة أهل بالحج، فإن هذا على هذه الصفة لم ينقله أحد بأسناد صحيح بل ولا حسن ولا ضعيف. وقوله في هذا الحديث: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، إن أريد بذلك التمتع الخاص وهو الذي يحل منه بعد السعي فليس كذلك فإن في سياق الحديث ما يرده ثم في إثبات العمرة المقارنة لحجه عليه السلام ما يأباه، وإن أريد به التمتع العام دخل فيه القرآن وهو المراد. وقوله: وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، إن أريد به بدأ بلفظ العمرة على لفظ الحج بأن قال: لبيك اللهم عمرة وحجا فهذا سهل ولا ينافي القرآن وإن أريد به أنه أهل بالعمرة أولا ثم أدخل عليها الحج متراخ ولكن قبل الطواف قد صار قارنا أيضا، وإن أريد به أنه أهل بالعمرة ثم فرغ من أفعالها تحلل أو لم يتحلل بسوق الهدي كما زعمه زاعمون، ولكنه أهل بحج بعد قضاء مناسك العمرة وقبل خروجه إلى منى، فهذا لم ينقله أحد من الصحابة كما قدمنا، ومن ادعاه من الناس فقوله مردود لعدم نقله ومخالفته الأحاديث الواردة في إثبات القرآن كما سيأتي، بل والأحاديث الواردة في الافراد كما سبق والله أعلم. والظاهر والله أعلم أن حديث الليث هذا عن عقيل، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر يروى من الطريق الأخرى عن ابن عمر حين أفرد الحج ومن محاصرة الحجاج لابن الزبير فقيل له: إن الناس كائن بينهم شئ فلو أخرت الحج عامك هذا. فقال: إذا أفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يعني زمن حصر عام الحديبية فأحرم بعمرة من ذي الحليفة، ثم لما علا شرف البيداء قال ما أرى أمرهما إلا واحدا، فأهل بحج معها فاعتقد الراوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا فعل سواء، بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فرووه كذلك وفيه نظر لما سنبينه وبيان هذا في الحديث الذي رواه عبد الله بن وهب: أخبرني مالك بن أنس وغيره أن نافعا حدثهم أن عبد الله بن عمر خرج في الفتنة معتمرا وقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فأهل بالعمرة، وسار حتى إذا ظهر على ظاهر البيداء التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة، فخرج حتى جاء البيت فطاف به وطاف بين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه، ورأى أن ذلك مجزيا عنه وأهدى. وقد أخرجه صاحب الصحيح من حديث مالك. وأخرجاه من حديث عبيد الله عن نافع