قال: قرأت على مالك بن أنس، عن أبي الأسود، عن عروة عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج. وقال: حدثنا روح، ثنا مالك، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل - وكان يتيما في حجر عروة - عن عروة بن الزبير عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج. ورواه ابن ماجة عن أبي مصعب عن مالك كذلك. ورواه النسائي عن قتيبة، عن مالك عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة: أن رسول الله أهل بالحج. وقال أحمد أيضا: ثنا عبد الرحمن، عن مالك، عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة. قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أهل بالحج، ومنا من أهل بالعمرة، ومنا من أهل بالحج والعمرة وأهل رسول الله بالحج، فأما من أهل بالعمرة، فأحلوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، وأما من أهل بالحج أو بالحج والعمرة فلم يحلوا إلى يوم النحر. وهكذا رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف والقعيني وإسماعيل بن أبي أويس عن مالك.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك به. وقال أحمد: حدثنا سفيان: عن الزهري، عن عروة عن عائشة: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وأهل ناس بالحج والعمرة وأهل ناس بالعمرة.
ورواه مسلم عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة به نحوه. فأما الحديث الذي قال الإمام أحمد : ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في حجة الوداع فقال من أحب أن يبدأ بعمرة قبل الحج فليفعل، وأفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج ولم يعتمر. فإنه حديث غريب جدا. تفرد به أحمد بن حنبل وإسناده لا بأس به، ولكن لفظه فيه نكارة شديدة وهو قوله: فلم يعتمر. فإن أريد بهذا أنه لم يعتمر مع الحج ولا قبله هو قول من ذهب إلى الافراد، وإن أريد أنه لم يعتمر بالكلية لا قبل الحج ولا معه ولا بعده، فهذا مما لا أعلم أحدا من العلماء قال به، ثم هو مخالف لما صح عن عائشة وغيرها من أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته. وسيأتي تقرير هذا في فصل القرآن مستقصى والله أعلم. وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد قائلا في مسنده: حدثنا روح، ثنا صالح بن أبي الأخضر، ثنا ابن شهاب ان عروة أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أهل رسول الله بالحج والعمرة في حجة الوداع وساق معه الهدي، وأهل ناس معه بالعمرة وساقوا الهدي، وأهل ناس بالعمرة ولم يسوقوا هديا. قالت عائشة: وكنت ممن أهل بالعمرة ولم أسق هديا، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان منكم أهل بالعمرة فساق معه الهدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، ولا يحل منه شئ حرم منه حتى يقضي حجه وينحر هديه يوم النحر، ومن كان منكم أهل بالعمرة ولم يسق معه هديا فليطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم ليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قالت عائشة: فقدم رسول الله الحج الذي خاف فوته وأخر العمرة. فهو حديث من أفراد الإمام أحمد وفي بعض ألفاظه نكارة ولبعضه شاهد في الصحيح، وصالح بن أبي الأخضر ليس من علية أصحاب الزهري لا سيما إذا خالفه غيره كما ههنا في بعض ألفاظ سياقه هذا. وقوله فقدم الحج