الذي يخاف فوته وأخر العمرة لا يلتئم مع أول الحديث أهل بالحج والعمرة، فإن أراد أنه أهل بهما في الجملة وقدم أفعال الحج ثم بعد فراغه أهل بالعمرة كما يقول من ذهب إلى الافراد فهو ما نحن فيه ههنا، وإن أراد أنه أخر العمرة بالكلية بعد إحرامه بها فهذا لا أعلم أحدا من العلماء صار إليه، وإن أراد أنه المقضي بأفعال الحج عن أفعال العمرة ودخلت العمرة في الحج، فهذا قول من ذهب إلى القرآن وهم يؤولون قول من روى أنه عليه الصلاة والسلام أفرد الحج أي أفرد أفعال الحج وإن كان قد نوى معه العمرة قالوا: لأنه قد روى القرآن كل من روى الافراد كما سيأتي بيانه. والله تعالى أعلم.
رواية جابر بن عبد الله في الافراد. قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله: قال: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته بالحج. إسناده جيد على شرط مسلم. ورواه البيهقي عن الحاكم وغيره عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار، عن أبي معاوية عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر. قال: أهل رسول الله في حجته بالحج ليس معه عمرة، وهذه الزيادة غريبة جدا ورواية الإمام أحمد بن حنبل أحفظ والله أعلم. وفي صحيح مسلم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. قال: وأهللنا بالحج لسنا نعرف العمرة. وقد روى ابن ماجة: عن هشام بن عمار عن الدراوردي وحاتم بن إسماعيل كلاهما عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج، وهذا إسناد جيد. وقال الإمام أحمد:
ثنا عبد الوهاب الثقفي، ثنا حبيب - يعني المعلم - عن عطاء حدثني جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هو وأصحابه بالحج ليس مع أحد منهم هدي إلا النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة. وذكر تمام الحديث وهو في صحيح البخاري بطوله كما سيأتي عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب.
رواية عبد الله بن عمر للأفراد. قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن محمد ثنا عباد - يعني ابن عباد - حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. قال: أهللنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا. ورواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عون، عن عباد بن عباد، عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفردا. وقال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا الحسن بن عبد العزيز ومحمد بن مسكين. قالا: ثنا بشر بن بكر، ثنا سعيد بن عبد العزيز بن زيد بن أسلم، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج - يعني مفردا - اسناده جيد ولم يخرجوه.
رواية ابن عباس للأفراد. روى الحافظ البيهقي: من حديث روح بن عبادة، عن شعبة، عن أيوب، عن أبي العالية البراء عن ابن عباس. أنه قال: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فقدم لأربع مضين من ذي الحجة فصلى بنا الصبح بالبطحاء. ثم قال: من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها. ثم قال: رواه مسلم عن إبراهيم بن دينار، عن ابن روح. وتقدم من رواية قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم أتى ببدنة