قلت: لا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرنا ولا يصلح كلام الشهيدين في الدروس والمسالك دليلا للمسألة، إذ لا ريب في عدم اقتضاء مشروعية الوتر في مقام خاص مشروعيتها على الاطلاق، والنذر إنما غايته الالزام، لا أنه يثبت مشروعية جديدة كما أنه لا ريب في الاجتزاء بها لو جاء بها امتثالا للنذر في مقامها المعلوم شرعيته، كما أوضحنا ذلك سابقا، فلاحظ وتدبر.
* (ولو نذر الصلاة في مسجد معين أو مكان معين من المسجد لزم) * بلا خلاف ولا إشكال * (لأنه) * أي المنذور مع قيده * (طاعة) * فيندرج فيما دل على (1) وجوب الوفاء بالنذر، بل الظاهر لزومه على وجه لا يجوز له العدول إلى الأعلى فضلا عن الأدنى والمساوي، لأن النذر تعلق بها مشخصة بالمكان المخصوص، فالوفاء به يقتضي عدم إجزاء غيره وإن كان أولى منه، وما روي (2) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه " أمر من نذر إتيان بيت المقدس بمسجد الكوفة " مع أنه في غير المقام لم يثبت.
خلافا لبعضهم، فجوزه قياسا على نذره ما لا مزية فيه، فإن ذا المزية بالنسبة إلى ما هو أعلى منه كالذي لا مزية فيه، وهو مع أنه قياس مع الفارق، ضرورة عدم الانعقاد أصلا في المجرد عن المزية عند القائل باشتراطها بخلاف الفرض، وقد ذكرنا سابقا أن قول الصادق عليه السلام في خبر زرارة (3) الذي سأله فيه أي شئ لا نذر فيه: " كلما كان لك فيه منفعة في دين أو دنيا فلا حنث عليك فيه " يراد منه إذا نذر على تركه، لا ما إذا نذرت على راجح يستلزم تركه، والله العالم.
* (أما لو نذر الصلاة في مكان لا مزية فيه للطاعة على غيره قيل: لا يلزم) * لخلوه عن الرجحان المعتبر في النذر، ورجحان المكان مزية، فمع فرض عدمها