وانتهى خبره إلى صاحب الزنج قال عظم على قتله واشتد اهتمامي به فخوطبت فقيل لي قتله خير لك إنه كان شرها ثم أقبل على جماعة كنت أنا فيهم قال ومن شرهه أنا غنمنا غنيمة من بعض ما كنا نصيبه فكان فيه عقدان فوقعا في يد يحيى فأخفى عنى أعظمهما خطرا وعرض على أخسهما واستوهبنيه فوهبته له فرفع لي العقد الذي أخفاه فدعوته فقلت أحضرني العقد الذي أخفيته فأتاني بالعقد الذي وهبته له وجحد أن يكون أخذ غيره فرفع لي العقد فجعلت أصفه وأنا أراه فبهت وذهب فأتاني به واستوهبنيه فوهبته له وأمرته بالاستغفار وذكر عن محمد بن الحسن أن محمد بن سمعان حدثه أن قائد الزنج قال لي في بعض أيامه لقد عرضت على النبوة فأبيتها فقلت ولم ذاك قال لان لها أعباء خفت ألا أطيق حملها (وفى هذه السنة) أنحاز أبو أحمد بن المتوكل من الموضع الذي كان به من قرب موضع قائد الزنج إلى واسط.
ذكر الخبر عن سبب انحيازه ذلك إليها ذكر أن السبب في ذلك كان أن أبا أحمد لما صار إلى نهر أبى الأسد فأقام به كثر العلل فيمن معه من جنده وغيرهم وفشا فيهم الموت فلم يزل مقيما هنالك حتى أبل من نجا منهم من الموت من علته ثم انصرف راجعا إلى باذاور فعسكر به وأمر بتجديد الآلات وإعطاء من معه من الجند أرزاقهم وإصلاح الشذوات والسميريات والمعابر وشحنها بالقواد من مواليه وغلمانه ونهض نحو عسكر الخبيث وأمر جماعة من قواده بقصد مواضع سماها لهم من نهر أبى الخصيب وغيره وأمر جماعة منهم بلزومه والمحاربة معه في الموضع الذي يكون فيه فمال أكثر القوم حين وقعت الحرب والتقى الفريقان إلى نهر أبى الخصيب وبقى أبو أحمد في قلة من أصحابه فلم يزل عن موضعه إشفاقا من أن يطمع فيه الزنج وفيمن يازائهم من أصحابه وهم بسبخة نهر منكى وتأمل الزنج تفرق أصحاب أبي أحمد عنه وعرفوا موضعه فكثروا عليه واستعرت الحرب وكثر القتل والجراح بين الفريقين وأحرق أصحاب أبي أحمد قصورا ومنازل من منازل الزنج واستنقذوا من النساء