اللعين لما تناهى إليه وإلى المعتمد ما كان من فظيع ما ركب من المسلمين بالبصرة وما قرب منها من سائر أرض الاسلام فعاينت أنا الجيش الذي شخص فيه أبو أحمد ومفلح ببغداد وقد اجتازوا بباب الطاق وأنا يومئذ نازل هنالك فسمعت جماعة من مشايخ أهل بغداد يقولون قد رأينا جيوشا كثيرة من الخلفاء فما رأينا مثل هذا الجيش أحسن عدة وأكمل سلاحا وعتادا وأكثر عددا وجمعا واتبع ذلك الجيش من متسوقة أهل بغداد خلق كثير. وذكر عن محمد بن الحسن أن يحيى بن محمد البحراني كان مقيما بنهر معقل قبل موافاة أبى أحمد موضع الخبيث فاستأذنه في المصير إلى نهر العباس فكره ذلك وخاف أن يوافيه جيش السلطان وأصحابه متفرقون فألح عليه يحيى حتى أذن له فخرج واتبعه أكثر أهل عسكر الخبيث وكان علي بن أبان مقيما بجبى في جمع كثير من الزنج والبصرة قد صارت مغنما لأهل عسكر الخبيث فهم يغادونها ويراوحونها لنقل ما نالته أيديهم منها فليس بعسكر الخبيث يومئذ من أصحابه الا القليل فهو على ذلك من حاله حتى وافى أبو أحمد في الجيش الذي كان معه فيه مفلح فوافى جيش عظيم هائل لم يرد على الخبيث مثله فلما انتهى إلى نهر معقل هرب من كان هناك من جيش الخبيث فلحقوا به مرعوبين فراع ذلك الخبيث فدعا برئيسين من رؤساء جيشه الذي كان هناك فسألهما عن السبب الذي له تركا موضعهما فأخبراه بما عاينا من عظم أمر الجيش الوارد وكثرة عدد أهله وإحكام عدتهم وأن الذي عاينا من ذلك لم يكن في قوتهما الوقوف له في العدة التي كانا فيها فسألهما هل علما من يقود الجيش فقالا لا قد اجتهدنا في علم ذلك فلم نجد من يصدقنا عنه فوجه الخبيث طلائعه في سميريات لتعرف الخبر فرجعت رسله إليه بتعظيم أمر الجيش وتفخيمه ولم يقف أحد منهم على من يقوده ويرأسه فزاد ذلك في جزعه وارتباطه فبادر بالارسال إلى علي بن أبان يعلمه خبر الجيش الوارد ويأمره بالمصير إليه فيمن معه ووافى الجيش فأناخ بإزائه فلما كان اليوم الذي كانت فيه الوقعة وهو يوم الأربعاء خرج الخبيث ليطوف في عسكره ماشيا ويتأمل الحال فيمن هو مقيم معه من حزبه ومن هو مقيم بإزائه من أهل حربه وقد كانت السماء
(٤)