مما يسيل مشرقا وأقبل جيش زيد بن حارثة من ناحية الأولاج فأغار بالفضافض من قبل الحرة وجمعوا ما وجدوا من مال وأناس وقتلوا الهنيد وابنه ورجلين من بنى الأحنف ورجلا من بنى خصيب فلما سمعت بذلك بنو الضبيب والجيش بفيفاء مدان ركب حسان بن ملة على فرس لسويد بن زيد يقال لها العجاجة وأنيف بن ملة على فرس لملة يقال لها رغال وأبو زيد بن عمرو على فرس له يقال لها شمر فانطلقوا حتى إذا دنوا من الجيش قال أبو زيد لانيف بن ملة كف عنا وانصرف فانا نخشى لسانك فانصرف فوقف عنهما فلم يبعدا منه فجعل فرسه تبحث بيدها وتوثب فقال لأنا أضن بالرجلين منك بالفرسين فأرخى لها حتى أدركهما فقالا له اما إذ فعلت ما فعلت فكف عنا لسانك ولا تشأمنا اليوم وتواطؤا ألا يتكلم منهن إلا حسان بن ملة وكانت بينهم كلمة في الجاهلية قد عرفوها بعضهم من بعض إذا أراد أحدهم أن يضرب بسيفه قال ثوري فلما برزوا على الجيش أقبل القوم يبتدرونهم فقال حسان إنا قوم مسلمون وكان أول من لقيهم رجل على فرس أدهم بائع رمحه معرضه كأنما ركزه على منسج فرسه جد واعتق فأقبل يسوقهم فقال أنيف ثوري فقال حسان مهلا فلما وقفوا على زيد بن حارثة قال له حسان إنا قوم مسلمون فقال له زيد فاقرأ أم الكتاب فقرأها حسان فقال زيد بن حارثة نادوا في الجيش ان الله قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاؤوا منها الا من ختر وإذا أخت لحسان بن ملة وهى امرأة أبى وبر ابن عدي بن أمية بن الضبيب في الأسارى فقال له زيد خذها فأخذت بحقويه فقالت أم الفزر الضليعية أتنطلقون ببناتكم وتذرون أمهاتكم فقال أحد بنى خصيب إنها بنو الضبيب وسحرت ألسنتهم سائر اليوم فسمعها بعض الجيش فأخبر بها زيد بن حارثة فأمر بأخت حسان ففكت يداها من حقويه فقال لها اجلسي مع بنات عمك حتى يحكم الله فيكن حكمه فرجعوا ونهى الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاؤوا منه فامسوا في أهليهم واستعتموا ذودا لسويد بن زيد فلما شربوا عتمتهم ركبوا إلى رفاعة بن زيد وكان ممن ركب إلى رفاعة تلك الليلة أبو زيد
(٣٩٦)