الزمان وكثرة العدو الذي يصمد له ليتأهب الناس لذلك أهبته وأمر الناس بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم فتجهز الناس على ما في أنفسهم من الكره لذلك الوجه لما فيه مع ما عظموا من ذكرى الروم وغزوهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أخي بنى سلمة هل لك يا جد العام في جلاد بنى الأصفر فقال يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء منى وإني أخشى أن رأيت نساء بنى الأصفر أن لا أصبر عنهن فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني) الآية أي إن كان إنما يخشى الفتنة من نساء بنى الأصفر وليس ذلك به سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله والرغبة بنفسه عن نفسه أعظم وإن جهنم لمن ورائه وقال قائل من المنافقين لبعض لا تنفروا في الحر زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا بالرسول فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم (وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون - إلى قوله - جزاء بما كانوا يكسبون) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره فأمر الناس بالجهاز والانكماش وخص أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله ورغبهم في ذلك فحمل رجال من أهل الغنى فاحتسبوا وأنفق عثمان ابن عفان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد أعظم من نفقته ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله وهم البكاؤن وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم فاستحملوا رسول الله وكانوا أهل حاجة فقال (لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون) قال فبلغني أن يامين بن عمير بن كعب النضري لقى أبا ليلى عبد الرحمن بن كعب وعبد الله بن مغفل وهما يبكيان فقال لهما ما يبكيكما قالا جئنا رسول الله ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه فأعطاهما ناضحا فارتحلاه وزودهما شيئا من تمر فخرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجاء المعذرون من الاعراب فاعتذروا
(٣٦٧)