وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشأم تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدما الشأم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب رأسه إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة فقال له ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشترى ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة فيما يزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحريري ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعفت أو قريبا من ذلك وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له فيما يزعمون يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليها فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لأعمامه فخرج معه حمزة ابن عبد المطلب عمه حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها فولدت له ولده كلهم إلا إبراهيم: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم والطاهر والطيب فأما القاسم والطاهر والطيب فهلكوا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الاسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم * حدثني الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثنا معمر وغيره عن ابن شهاب الزهري وقد قال ذلك غيره من أهل البلدان خديجة إنما كانت استأجرت
(٣٥)