ودعوى أن اعتراف الوكيل بذلك وإن لم تكن الخصومة معه مسقط لدعوى المالك المقتضية تكذيبه فيما ذكره، وقد نهى عن تهمته على وجه يراد منه عدم سماع التهمة في حقه وإن كانت تكذيبا خاصة بلا تغريم - ممنوعة على مدعيها كل المنع، بل لا ينبغي أن تصدر من فقيه ماهر، ضرورة عدم ما يقتضي أن اقرار الوكيل اقرار الموكل، بل في الأدلة ما يقتضي عدمه، خصوصا قاعدة الاقرار في حق الغير.
وتقديم قوله حال كون الخصومة معه، إنما هو لكونه موتمنا، وصاحب يد على فعله، كتقديم قوله في التلف في الخصومة معه، لا لأن اقراره اقرار الوكيل، وإلا لم تحتج إلى اليمين كما هو واضح بأدنى تأمل، والنهي عن تهمته إنما يراد منه تقديم قوله في التداعي معه، ولو بما يقتضي تكذيبه، فضلا عن اتهامه، لا أن المراد منه عدم تكذيبه ولو بالدعوى على الغير المقتضية لذلك.
وحينئذ فإذا حلف المالك على بقاء حقه في ذمة الغريم أخذه، ولا رجوع للغريم على الوكيل مع تلف المال في يده بغير تفريط، لكونه ظالما بزعمه في أخذه منه، ولا رجوع له بالظلم. هذا كله في مفروض المسألة.
{أما لو أمره ببيع سلعة} مثلا {وتسليمها وقبض ثمنها فتلف} الثمن {من غير تفريط} على دعوى الوكيل {فأقر الوكيل بالقبض، وصدقه المشتري، وأنكر الموكل فالقول قول الوكيل} هنا بلا خلاف أجده فيه.
بل في شرح الصيمري اتفاق الفتاوى عليه {لأن الدعوى هنا على الوكيل من حيث أنه سلم المبيع ولم يتسلم الثمن فكأنه يدعي} الموكل {ما يوجب الضمان} على الوكيل باعتبار تفريطه بذلك، والأصل براءة ذمته مع أنه أمين بالنسبة إليه، وقوله مقبول فيما اؤتمن عليه {وهناك} أي في المسألة الأولى {الدعوى على الغريم} دون الوكيل.
ولكن مع ذلك قال المصنف وتبعه غيره {وفي الفرق نظر} لأن الاختلاف في المقامين في فعل الوكيل فمع فرض كون قوله مقبولا لا فيه ينبغي عدم سماع دعوى المالك في المقامين