والمسالك والروضة والرياض، وقد يدفع بأن منافع الحر بعد العقد عليها و استحقاقها صارت مالا، فمتى بذلها لمستحقها فلم يقبلها كان تلفها منه، نحو غيرها من الأموال.
نعم يأتي الكلام السابق فيما إذا لم تكن مقيدة بزمان حقيقة أو حكما من اعتبار تعذر الحاكم وعدمه، هذا كله مع بقاء الألم الذي يقلع الضرس له عادة.
{أما لو زال الألم عقيب العقد سقطت الأجرة} لتعذر متعلقها شرعا باعتبار عدم جواز القلع، وإدخال الألم على النفس بغير ضرورة، فلا يصح الاستيجار عليه، إذ هو حينئذ كالاستيجار على قطع اليد ونحوه من غير سبب يوجبه، أما لو فرض وجود سبب كالأكلة ونحوها مما يقطع بها عند العقلاء جاز بلا إشكال ولا خلاف كما هو واضح والله العالم.
{ولو استأجر شيئا} معينا {فتلف قبل قبضه بطلت الإجارة} بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به في محكي التذكرة لفحوى ما دل عليه في البيع من النبوي (1) وخبر عقبة (2) وغيرهما، بل ظاهر الأصحاب في المقام اتحاد الحكم في المقامين، وأن المنفعة هنا بمنزلة المبيع، والأجرة هنا بمنزلة الثمن.
ومن هنا يتجه جريان جميع ما تقدم هناك في المقام، كالبحث عن تلف الثمن، المعين، وعن التلف بغير الآفة السماوية كتلف الأجنبي، والبايع والمشتري، وعن تقيد الحكم بما إذا لم يكن عدم القبض من امتناع المستحق، أو بسؤاله البقاء في يد البايع، وغير ذلك مما تقدم هناك فلاحظ وتأمل.
لكن قد يقال هنا إن الوجه في التعدية المزبورة مع اختصاص الدليل في البيع هو بناء أمثال هذه العقود على المعاوضة الشرعية والعرفية التي هي بمعنى تبديل سلطنة بسلطنة، بل لعل ذلك من مقوماتها، فتعذره حينئذ يقتضي انتفاؤها.