تسمى الآن المدينة وأظن أن أبا صادق المديني المصري إليها ينسب لأنه كان إمام مسجد الجامع وكان منزله في هذا الموضع، وسألت عن ذلك بمصر فلم يتحقق لي شئ، ولو كان منسوبا إلى مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لقيل فيه مدني، والله أعلم بذلك، وقال الحافظ أبو القاسم العكاوي: الحسن بن يوسف بن أبي ظبية أبو علي المصري القاضي منسوب إلى مدينة مصر، سمع بدمشق هشام بن عمار وبغيرها أحمد بن صالح المصري وعمرو بن ثور القيسراني، روى عنه علي بن عمر الحربي ومحمد بن المظفر وأبو بكر المفيد، وذكره الخطيب فقال: الحسن بن يوسف أبو علي المديني، ثم قال: الحسن بن أبي ظبية القاضي المصري، وفرق بنى الترجمتين وجعلهما رجلين وهما رجل واحد.
مدينة موسى: بقزوين، كان موسى الهادي سار إلى الري في حياة أبيه المهدي وقدم منها إلى قزوين فأمر ببناء مدينة بإزاء قزوين فبنيت فهي تدعى مدينة موسى الهادي وابتاع أرضا تدعى رستماباذ فوقفها على مصالح المدينة.
مدينة النحاس: ويقال لها مدينة الصفر، ولها قصة بعيدة من الصحة لمفارقتها العادة، وأنا برئ من عهدتها إنما أكتب ما وجدته في الكتب المشهورة التي دونها العقلاء ومع ذلك فهي مدينة مشهورة الذكر فلذلك ذكرتها، قال ابن الفقيه: ومن عجائب الأندلس أمر مدينة الصفر التي يزعم قوم من العلماء أن ذا القرنين بناها وأودعها كنوزه وعلومه وطلسم بابها فلا يقف عليها أحد وبنى داخلها بحجر البهتة وهو مغناطيس الناس وذلك أن الانسان إذا نظر إليها لم يتمالك أن يضحك ويلقي نفسه عليها فلا يزايلها أبدا حتى يموت، وهي في بعض مفاوز الأندلس، ولما بلغ عبد الملك بن مروان خبرها وخبر ما فيها من الكنوز والعلوم وأن إلى جانبها أيضا بحيرة بها كنوز عظيمة كتب إلى موسى بن نصير عامله على المغرب يأمره بالمسير إليها والحرص على دخولها وأن يعرفه ما فيها ودفع الكتاب إلى طالب بن مدرك فحمله وسار حتى انتهى إلى موسى بن نصير وكان بالقيروان، فلما أوصله إليه تجهز وسار في ألف فارس نحوها، فلما رجع كتب إلى عبد الملك بن مروان، بسم الله الرحمن الرحيم، أصلح الله أمير المؤمنين صلاحا يبلغ به خير الدنيا والآخرة، أخبرك يا أمير المؤمنين أني تجهزت لأربعة أشهر وسرت نحو مفاوز الأندلس ومعي ألف فارس من أصحابي حتى أوغلت في طرق قد انطمست ومناهل قد اندرست وعفت فيها الآثار وانقطعت عنها الاخبار أحاول بناء مدينة لم ير الراؤون مثلها ولم يسمع السامعون بنظيرها، فسرت ثلاثة وأربعين يوما ثم لاح لنا بريق شرفها من مسيرة خمسة أيام فأفزعنا منظرها الهائل وامتلأت قلوبنا رعبا من عظمها وبعد أقطارها، فلما قربنا منها إذ امرها عجيب ومنظرها هائل كأن المخلوقين ما صنعوها، فنزلت عند ركنها الشرقي وصليت العشاء الأخيرة بأصحابي وبتنا بأرعب ليلة بات بها المسلمون، فلما أصبحنا كبرنا استئناسا بالصبح وسرورا به، ثم وجهت رجلا من أصحابي في مائة فارس وأمرته أن يدور مع سورها ليعرف بابها فغاب عنا يومين ثم وافى صبيحة اليوم الثالث فأخبرني أنه ما وجد لها بابا ولا رأى مسلكا إليها، فجمعت أمتعة أصحابي إلى جانب سورها وجعلت بعضها على بعض لينظر من يصعد إليها فيأتيني بخبر ما فيها، فلم تبلغ أمتعتنا ربع الحائط لارتفاعه وعلوه، فأمرت عند ذلك باتخاذ السلالم فاتخذت ووصلت بعضها إلى بعض بالحبال ونصبتها