والظعن من تهامة بالسعد والسلامة، قال: خبر ولا إقامة، قال: ائت ضف جدة تجد فيها أصناما معدة فأوردها تهامة ولا تهب وادع العرب إلى عبادتها تجب، فأتى شط جدة فاستثارها ثم حملها حتى ورد تهامة وحضر الحج فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة فأجابه عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان ابن عمران بن الحاف بن قضاعة فدفع إليه ودا فحمله إلى وادي القرى وأقره بدومة الجندل وسمى ابنه عبد ود، فهذا أول من سمى عبد ود ثم سمت العرب به بعده، وجعل ابنه عامرا الذي يسمى عامر الأجدار سادنا له فلم يزل بنوه يسدنونه حتى جاء الاسلام، وحدث هشام عن أبيه قال: حدثني مالك ابن حارثة الأجداري أنه رأى ودا، قال: وكان أبي يبعثني باللبن إليه فيقول لي: اسقه إلهك، قال:
فأشربه، قال: ثم رأيت خالد بن الوليد كسره جذاذا وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعث خالدا من غزوة تبوك لهدمه فحال بينه وبين هدمه بنو عبد ود وبنو عامر الأجدار فقاتلهم حتى قتلهم وهدمه وكسره وكان فيمن قتل يومئذ رجل من بني عبد ود يقال له قطن بن شريح، فأقبلت أمه فرأته مقتولا فأشارت تقول:
ألا تلك المودة لا تدوم، * ولا يبقى على الدهر النعيم ولا يبقى على الحدثان غفر * له أم بشاهقة رؤوم ثم قالت:
يا جامعا جامع الأحشاء والكبد، * يا ليت أمك لم تولد ولم تلد ثم أكبت عليه فشهقت شهقة فماتت، وقتل أيضا حسان بن مصاد ابن عم الأكيدر صاحب دومة الجندل ثم هدمه خالد، رضي الله عنه، قال ابن الكلبي: فقلت لمالك بن حارثة: صف لي ودا حتى كأني أنظر إليه، قال: تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال قد دثر عليه، أي نقش عليه، حلتان متزر بحلة ومرتد بأخرى عليه سيف قد تنكب قوسا وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة أي جعبة فيها نبل، فهذا حديث ود، وروي عن ابن عباس، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: رفعت إلى النار فرأيت عمرو بن لحي رجلا أحمر أزرق قصيرا يجر قصبه في النار، قلت: من هذا؟ فقيل: عمرو بن لحي أول من بحر البحيرة ووصل الوصيلة وسيب السائبة وحمى الحامي وغير دين إبراهيم، عليه السلام، ودعا العرب إلى عبادة الأوثان، فقال: أشبه بنيه به قطن بن عبد العزى، فوثب قطن وقال: يا رسول الله أيضرني شبهه شيئا؟ قال، عليه الصلاة والسلام:
لا، أنت مسلم وهو كافر، هذا كله عن ابن الكلبي، وههنا انتقاد وذلك أنهم قالوا: إن أول من دعا العرب إلى عبادة الأوثان عمرو بن لحي، وقد ذكر فيما تقدم أن ودا سلمه إلى عوف بن عذرة بن زيد اللات وقد ذكرنا في اللات عنه أن زيد اللات سمي باللات التي كانوا يعبدونها، فهم أقدم من ود، والله أعلم.
ودعان: فعلان من ودع يدع من الدعة لامن الترك فإنه لا يقال ودعه إنما يقال تركه وإن كان قد جاء فإنه قليل في قوله:
ليت شعري عن خليلي ما الذي * غاله في الحب حتى ودعه؟