المقدس: في اللغة المنزه، قال المفسرون في قوله تعالى:
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال الزجاج: معنى نقدس لك أي نطهر أنفسنا لك وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه أي نطهره، قال: ومن هذا قيل للسطل القدس لأنه يتقدس منه أي يتطهر، قال:
ومن هذا بيت المقدس، كذا ضبطه بفتح أوله، وسكون ثانيه، وتخفيف الدال وكسرها، أي البيت المقدس المطهر الذي يتطهر به من الذنوب، قال مروان:
قل للفرزدق، والسفاهة كاسمها: * إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس ودع المدينة إنها محذورة، * والحق بمكة أو ببيت المقدس وقاد قتادة: المراد بأرض المقدس أي المبارك، وإليه ذهب ابن الأعرابي، ومنه قيل للراهب مقدس، ومنه قول امرئ القيس:
فأدركنه يأخذن بالساق والنسا * كما شبرق الولدان ثوب المقدس وصبيان النصارى يتبركون به وبمسح مسحه الذي هو لابسه وأخذ خيوطه منه حتى يتمزق عنه ثوبه، وفضائل بيت المقدس كثيرة ولا بد من ذكر شئ منها حتى يستحسنه المطلع عليه، قال مقاتل بن سليمان قوله تعالى: ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين، قال: هي بيت المقدس، وقوله تعالى لبني إسرائيل: وواعدناكم جانب الطور الأيمن، يعني بيت المقدس، وقوله تعالى: وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين، قال:
البيت المقدس، وقال تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، هو بيت المقدس، وقوله تعالى: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، البيت المقدس، وفي الخبر: من صلى في بيت المقدس فكأنما صلى في السماء، ورفع الله عيسى بن مريم إلى السماء من بيت المقدس وفيه مهبطه إذا هبط وتزف الكعبة بجميع حجاجها إلى البيت المقدس يقال لها مرحبا بالزائر والمزور، وتزف جميع مساجد الأرض إلى البيت المقدس، أول شئ حسر عنه بعد الطوفان صخرة بيت المقدس وفيه ينفخ في الصور يوم القيامة وعلى صخرته ينادي المنادي يوم القيامة، وقد قال الله تعالى لسليمان بن داود، عليهما السلام، حين فرغ من بناء البيت المقدس:
سلني أعطك، قال: يا رب أسألك أن تغفر لي ذنبي، قال: لك ذلك، قال: يا رب وأسألك أن تغفر لمن جاء هذا البيت يريد الصلاة فيه وأن تخرجه من ذنوبه كيوم ولد، قال: لك ذلك، قال: وأسألك من جاء فقيرا أن تغنيه، قال: لك ذلك، قال:
وأسألك من جاء سقيما أن تشفيه، قال: ولك ذلك، وعن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد البيت المقدس، وإن الصلاة في بيت المقدس خير من ألف صلاة في غيره، وأقرب بقعة في الأرض من السماء البيت المقدس ويمنع الدجال من دخولها ويهلك يأجوج ومأجوج دونها، وأوصى آدم، عليه السلام، أن يدفن بها وكذلك إسحاق وإبراهيم، وحمل يعقوب من أرض مصر حتى دفن بها، وأوصى يوسف، عليه السلام، حين مات بأرض مصر أن يحمل إليها، وهاجر إبراهيم من كوثي إليها، وإليها المحشر ومنها المنشر، وتاب الله على داود بها، وصدق إبراهيم الرؤيا بها، وكلم عيسى الناس في المهد بها، وتقاد الجنة يوم القيامة إليها ومنها يتفرق