أهل مرو:
لأهل مرو أياد مشهورة ومروه لكنها في نساء صغارهن الصبوه يبذلن كل مصون على طريق الفتوه فلا يسافر إليها إلا فتى فيه قوه وإليها ينسب عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله أبو بكر القفال المروزي وحيد زمانه فقها وعلما، رحل إلى الناس وصنف وظهرت بركته وهو أحد أركان مذهب الشافعي وتخرج به جماعة وانتشر علمه في الآفاق، وكان ابتداء اشتغاله بالفقه على كبر السن، حدثني بعض فقهاء مرو بفنين من قراها أن القفال الشاشي صنع قفلا ومفتاحا وزنه دانق واحد فأعجب الناس به جدا وسار ذكره وبلغ خبره إلى القفال هذا فصنع قفلا مع مفتاحه وزنه طسوج وأراه الناس فاستحسنوه ولم يشع له ذكر فقال يوما لبعض من يأنس إليه: ألا ترى كل شئ يفتقر إلى الحظ؟ عمل الشاشي قفلا وزنه دانق وطنت به البلاد، وعملت أنا قفلا بمقدار ربعه ما ذكرني أحد! فقال له: إنما الذكر بالعلم لا بالأقفال، فرغب في العلم واشتغل به وقد بلغ من عمره أربعين سنة وجاء إلى شيخ من أهل مرو وعرفه رغبته فيما رغب فيه فلقنه أول كتاب المزني، وهو: هذا كتاب اختصرته، فرقي إلى سطحه وكرر عليه هذه الثلاثة ألفاظ من العشاء إلى أن طلع الفجر فحملته عينه فنام ثم انتبه وقد نسيها فضاق صدره وقال: أيش أقول للشيخ؟
وخرج من بيته فقالت له امرأة من جيرانه: يا أبا بكر لقد أسهرتنا البارحة في قولك هذا كتاب اختصرته، فتلقنها منها وعاد إلى شيخه وأخبره بما كان منه، فقال له: لا يصدنك هذا عن الاشتغال فإنك إذا لازمت الحفظ والاشتغال صار لك عادة، فجد ولازم الاشتغال حتى كان منه ما كان فعاش ثمانين سنة أربعين جاهلا وأربعين عالما، وقال أبو المظفر السمعاني، عاش تسعين سنة ومات سنة 417، ورأيت قبره بمرو وزرته، رحمه الله تعالى، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي أحد أئمة الفقهاء الشافعية ومقدم عصره في الفتوى والتدريس، رحل إلى أبي العباس بن شريح وأقام عنده وحصل الفقه عليه وشرح مختصر المزني شرحين وصنف في أصول الفقه والشروط وانتهت إليه رياسة هذا المذهب بالعراق بعد أن شريح ثم انتقل في آخر عمره إلى مصر وتوفي بها لسبع خلون من رجب سنة 340 ودفن عن قبر الشافعي، رضي الله عنه.
المروة: واحدة المرو الذي قبله: جبل بمكة يعطف على الصفا، قال عرام: ومن جبال مكة المروة جبل مائل إلى الحمرة، أخبرني أبو الربيع سليمان بن عبد الله المكي المحدث أن منزله في رأس المروة وأنها أكمة لطيفة في وسط مكة تحيط بها وعليها دور أهل مكة ومنازلهم، قال: وهي في جانب مكة الذي يلي قعيقعان، وقد ثناه جرير وهو واحد في قوله:
فلا يقربن المروتين ولا الصفا * ولا مسجد الله الحرام المطهرا وذو المروة: قرية بوادي القرى، وقيل: بين خشب ووادي القرى، نسبوا إليها أبا غسان محمد بن عبد الله بن محمد المروي، سمع بالبصرة أبا خليفة الفضل بن الحباب، روى عنه أبو بكر محمد بن عبدوس النسوي، سمع منه بذي المروة، وقدم نصيب مكة فأتى المسجد الحرام ليلا فجاءت ثلاث نسوة فجلسن قريبا منه وجعلن يتحدثن ويتذاكرن الشعر والشعراء