ثم بقيت عنده إلى المساء، واتصل الشيخ رضا هاتفيا ببعض أهله ومعارفه وخلص أصحابه يخبرهم بقدومي، فحضر بعضهم، وكان من بينهم أعضاء هيئة تولية مكتبة " الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) " بالنجف الأشرف: الحاج فرج موحدي، والحاج حسين كاشاني، والحاج إسماعيل سيكاري، وغيرهم من الساكنين في طهران.
وبقيت مع سماحة الشيخ ثلاثة أيام تحسنت صحته خلالها تحسنا ملموسا ثم استأذنت منه لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) وبعد يومين رجعت لأجد صحة سماحته قد تحسنت من الأرض إلى السماء مما تعجب به الأطباء المشرفون على علاجه، وقد عزوا ذلك إلى حالته النفسية بسبب قدومي وبعثي الأمل في نفسه، وقد طلب مني بعض المتولين على المكتبة أن أفاتح سماحة الشيخ بإناطة إدارة المكتبة إلى المتولين في حياته، لأنهم لم يجرأوا على مفاتحته.
وقبل عودتي إلى بغداد كانت صحته جيدة والبشر يطفح على وجهه، انتهزت الفرصة فقلت له: شيخنا الجليل الحمد لله الذي من عليك بالشفاء مما ألم بك، وأرجو أن تكون هذه بداية التحسن المطرد لصحتكم، وإني أرجو أصالة عن نفسي ونيابة عن إخواني المتولين بإناطة إدارة المكتبة والاعتماد علينا بحسب الخطة التي رسمتموها لنا وتحت إشرافكم عندما سمع كلامي أطلق آهة وزفرة من أعماق نفسه، كأنما نكأت الجرح، ثم قال: والله يا حاج هذا هو الهم الذي يشغل بالي وليس المرض الذي ألم بي. قلت: سنكون عند حسن ظنكم إن شاء الله.
ثم اتخذ القرار بعد سفري، وتحسن صحة سماحته بأن يجمع الشيخ رضا المتولين المتواجدين في طهران بخدمة سماحته، ليخطب فيهم ثم ينيط أمر إدارة المكتبة إليهم شرعا. وفعلا اجتمعت هيئة التولية بخدمته ورسم لهم الخطة التي في نفسه لإدارة المكتبة وشروطها، وبعدها أصدر كتابا في تخويل المتولين إناطة إدارتها في حياته، وأرسلت صورة من القرار لي مع ترجمتها بالعربية وقد تركتها في أرشيف مكتبي في بغداد.