طال الأمد إلى سنين عديدة، لكثرتها، وشرح لي تفاصيل مشروعة، فأعجبت به كثيرا، وفورا أجبته بأن تكون جميع تكاليفه على حسابي الخاص، فنظر إلي وبكى وقال: الحقيقة تريد يا حاج؟ إني كنت قد قررت تصوير كل الكتب الخطية (بالمايكروفيلم) على شكل أشرطة، ومن ثم تظهيرها على الورق الحساس وتجليدها، فتصبح بذلك كتابا يحاكي النسخ الأصلي، ولكن هذا المشروع كان يكلف مبالغ طائلة ومجهودا كبيرا، ولما لم أكن أملك المال اللازم لذلك، بقيت متحيرا لا أدري ما أفعل، وأخذت تدور في ذهني تساؤلات وتساؤلات.. هل أراسل تجار إيران وأفاتحهم بذلك؟ هل أؤجل المشروع أم أتركه بالمرة؟ هل أصبر حتى يفتح الله لي بابا؟ هل؟ هل؟.. ولما لم أجد حلا ووصلت إلى الطريق المسدود، توجهت إلى الله بنية صادقة وتوسلت بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد توسلي بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طالبا منهم إنجاز مشروعي هذا، وأخيرا تركت الأمر إلى تدبير الله جل وعلا.. وطالما سألته تعالى أن تكون المساهمة في هذا المشروع على يد نظيفة وخالصة لوجهه سبحانه، فها أنت نلت هذا الشرف والتوفيق، فهنيئا لك. جعل الله يدك هي العليا، ولا يجعلها السفلى.
أما كمية الكتب المراد تصويرها فكانت تربوا على الربع مليون ورقة، وتكون عشرات الكتب الضخمة، غير أن التوفيق لم يستعفنا في تصويرها كلها فصورنا ما يمكن تصويره، وفعلا رصدت المبالغ اللازمة للمشروع، وبعد الاجتماع بالسيد أنيس عمار المتصدي للتصوير والاستنساخ بحضور ومعرفة الشيخ رضا الأميني، تم الاتفاق معه، فباشر بتصوير الكتب المطلوبة من يومها. وبعد سنتين أو ثلاث أصبحت الكتب جاهزة للمطالعة، وهيئت لها خزانات خاصة لحفظها، وختم على جميعها هدية الحاج حسين الشاكري إلى مكتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) العامة.
وتمر الأيام والمكتبة تزخر شيئا فشيئا بالكتب والمصادر. وكانت وفود علمية وأدبية أو سياسية - في بعض الأحيان - تزور العراق، وكانت الحكومة تجعل لضيوفها برنامجا لزيارات العتبات المقدسة، وفي مقدمتها النجف الأشرف، لأنها