عاصمة التشيع وإحدى أهم المدن الرئيسية العلمية، فهي كالجامع الأزهر بالقاهرة، وجامعة القرويين بتونس، وجامعة الزيتونة بفاس في المغرب، وعند زيارتهم النجف الأشرف بعد الحرم المطهر للإمام علي (عليه السلام) يزورون أهم معالمها ومن جملتها مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وذات مرة كنت في اجتماع في المكتبة وإذا باتصال هاتفي - وكان المتكلم قائم مقام النجف - يخبر الشيخ رضا الأميني بوصول وفد إلى النجف الأشرف ويريد زيارة المكتبة، وعند سماعي الخبر غادرت المكتبة، لأفسح المجال للشيخ بالتوجه إليهم والاستعداد لملاقاتهم أولا، وثانيا لأني ما كنت أحب الظهور في مثل هذه المناسبات.
وفي الأسبوع الثاني - عند زيارتي - حدثني فضيلة الشيخ رضا الأميني عن زيارة الوفد قائلا: كان الوفد يتألف من رئيس الجامعة العربية بالقاهرة، ورئيس جامعة أم درمان بالسودان، وممثل اليونسكو في الشرق الأوسط، وكان بمعيتهم الدكتور عبد الرزاق محيي الدين، ومدير المكتبات العام في بغداد، وقد حدثهم عن تاريخ تأسيس المكتبة وما تحتويه من الكتب القيمة والآثار النفيسة، والأشياء النادرة، ولا سيما بعد مشاهدتهم المصورات وأفلام المايكروفيلم، التفت ممثل اليونسكو إلى مدير المكتبات العام متسائلا: تقولون إن عمر المكتبة لا يتجاوز عشر سنوات وليس لها أي مورد؟! فأجابه الدكتور محيي الدين: نعم. فقال رئيس الوفد: هذا مستحيل، كيف يكون ذلك مع عدم وجود الموارد الثابتة؟ فأجابه الشيخ رضا: نعم، وهكذا معظم مشاريعنا، وبعد ذلك سأل عن اسم المتبرع لهذه المجموعة من الكتب المصورة والمثبت اسم هاديها عليها، هل هو زعيم أو شخصية علمية ومثرية كبيرة؟ فلما أجابه بأن المهدي لهذه المجموعة من الكتب هو شخص كاسب اعتيادي، اندهش أكثر وقال: إذا كان الرجل البسيط والكاسب منكم يتحسس بهذه الأحاسيس ويتبرع بهذه المجموعة الضخمة، فكيف بالأكبر منه؟!
لقد ثبت عندي أن هذا الشعب حي لا يموت.