فإن قلت: إذا كان العالم الذي ما بلغ رتبة الاجتهاد عنده أن مجتهده أخطأ في اجتهاده في مقدمة من المقدمات أو غيرها، فكيف يجوز له تقليده، فضلا عن أن يجب عليه؟ قلت: إن كان المجتهد ميتا فلا يجوز له تقليده على حال - كما عرفت - وإن كان حيا فليناظره ليعرف الحق، فإن ظهر أن الحق مع المجتهد فلا كلام، وإن ظهر للمجتهد أن الحق كما قال العالم فكذلك، وإن كان بعد المناظرة يكون المجتهد على رأيه والعالم على اعتقاده يكون الحق مع المجتهد، لأنه غير غافل، وهو الأستاذ الماهر، وإمام الفن، إلا أن يكون العالم أيضا إماما في هذا الفن خاصة، وماهرا فيه، لكن الماهر في جميع الفنون يمكن أن يكون أقوى، مع أن فرض من لا يعرف الرجوع إلى من يعرف كما مر سابقا، وهذا العالم ممن لا يعرف البتة كما عرفت، وهذا المجتهد ممن يعرف البتة، لأنه مكلف بما أدى إليه اجتهاده كما عرفت، ومع ذلك غاية ما في الباب أن يكون العالم في خصوص هذه المسألة يحتاط، ولا يجوز له العمل باجتهاده لما عرفت، فتأمل جدا.
(٥١٥)