تعدد واجبات لا تحصى ولا يكون على ترك واحد منها عقاب أصلا، مع أن الشئ الواجب لا يكون واجبا إلا أن يكون على تركه عقاب في الجملة.
فان قلت: إنهم يقولون بتضيقه بتضيق وقت العبادة المشروطة به أيضا.
قلت: هذا التضيق إنما هو من جهة كون العبادة مشروطة به، وهو شرطها، لا من جهة الوجوب النفسي، إذ لا مدخلية لتضيق المشروطة به في الوجوب النفسي، فالتضيق إنما هو بالوجوب الشرطي، والعقاب حينئذ على ترك المشروط كما صرحوا به، والعقاب الذي على ترك نفس الغسل إنما هو في الترك عند الموت - كما ذكرنا - مع أنه قيل: عند الظن لا يكاد يتحقق عادة منه غسل كما هو ظاهر.
فالأوامر الكثيرة الواردة في الاخبار، لا يكون المراد منها إلا الوجوب بالقياس إلى الغير، لأنه المتحقق عادة لا الوجوب النفسي، لأنه غير متحقق عادة، والاخبار محمولة على الفروض المتعارفة لا النادرة، سيما الذي لا يكاد يتحقق، فكيف يأمر الشارع في الأخبار الكثيرة بالوجوب وإتيان الغسل بعنوان الوجوب باعتبار فرض لا يكاد يتحقق، بل لا شبهة في أنه باعتبار تحقق الصلاة مثلا كما فهمه المشهور وجل الفقهاء، ويظهر من أخبار أخر مثل: (إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة) وغير ذلك مما ذكرنا في الحاشيتين المذكورتين.
وحال الامر بالطهارة حال الامر بغسل الثوب والبدن والظروف وغير ذلك. مع أنه على تقدير أن يكون ضيق وجوبه