ولأنه مخاطب بالإطاعة والامتثال، ويرجع فيها إلى العرف، ولا يعد ممتثلا إلا أن يأتي بها، إذ بغير الاتيان يكون البراءة على سبيل الاحتمال، وهو غير مجز عندهم قطعا.
ويظهر من بعض المحققين: أنه إذا وقع الاجماع على وجوب قدر من الاجزاء، ووقع الخلاف في قدر ان المكلف به ليس إلا المجمع عليه، لا المختلف فيه، إلا أن يثبت دخول ما اختلف فيه أيضا بنص من الكتاب أو السنة، وما لم يثبت لا يكون واجبا، لان الأصل عدم الوجوب فيما لم يثبت وجوبه، وعدم الاستحباب فيما لم يثبت استحبابه. نعم يقولون بأولوية ارتكابه، خروجا عن الخلاف.
وهذا إنما يتم إذا كان المثبت للتكليف هو ذلك الاجماع أو النص، وأما إذا تعلق الخطاب بالعبادة التي هي مثل المجمل، مثل أن قالوا عليهم السلام:
توضأ، أو صل، أو صم، وأمكن الامتثال بالنحو الذي ذكر، ولم يتحقق حرج في الامتثال أصلا، فالتكليف بها حينئذ صحيح، والامتثال بذلك النحو متعين، سواء كان ثبوت التكليف المذكور بالاجماع المرادف للضروري أو النظري أو الكتاب أو السنة.
وأصل عدم التكليف إنما هو في موضع لم يثبت التكليف بالدليل الشرعي، وقد ثبت بالأدلة المذكورة، وتكفي () للاثبات، والتكليف بالمجمل لا يصح في موضع لم يتيسر الامتثال بالنحو الذي ذكر، إذ لم يثبت مانع منه