والأولى التمسك بالاستقراء. ويقال: إن الفقهاء ربما يحكمون بحكم كلي بتتبع جزئيات كثيرة غاية الكثرة، إلى حد يحصل لهم الاعتقاد بعدم مدخلية الخصوصية مثل: حكمهم بحجية شهادة العدلين شرعا، وغير ذلك. وهذه الكثرة موجودة في الاستصحاب، إلى حد رسخ في أذهان المتشرعة: أن الحكم الشرعي إذا ثبت فثبوت خلافه يحتاج إلى دليل شرعي، ويصعب عليهم تجويز خلاف ذلك، ولذلك لا يزال فقهاؤنا يتمسكون بذلك في كتبهم الاستدلالية والفقهية من دون تأمل وتزلزل.
والحاصل: ان هذا الاستقراء، والاخبار الظاهرة في حجية الاستصحاب المشيرة إلى ما حصل من الاستقراء تكفي للحكم، و الاخبار هذه:
روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام (قال: قلت له الرجل ينام - إلى أن قال - قلت: فان حرك إلى جنبه شئ وهو لا يعلم - قال - لا حتى يستيقن أنه نام حتى يجي من ذلك أمر بين، وإلا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين بالشك أبدا، ولكن ينقضه بيقين آخر).
وقوله: (فإنه على يقين... إلخ) تعليل ظاهر في العموم، مع أن اللام هنا يفيد العموم لما حقق في محله من أن المفرد المحلى باللام حقيقة في الجنس المعرف، والطبيعة من حيث هي هي، والحكم المعلق بالطبيعة يدور مع الطبيعة.
وأيضا إذا تعلق الحكم بالوصف يدور مع الوصف، مثل قولهم:
(المؤمن يستحق الاكرام) فإنه يدل على أن من اتصف بوصف الايمان