يكون بعدم اتصاف الذات بذلك القيد على نحو السالبة المحصلة لا على نحو ليس الناقص، فمفاد قضية (المرأة تحيض إلى خمسين الا القرشية) هو ان المرأة التي لا تكون متصفة بكونها من قريش تحيض إلى خمسين، لا المرأة المتصفة بان لا تكون من قريش والفرق بينهما ان القضية الأولى سالبة محصلة والثانية مفاد ليس الناقص، فلا مانع من جريان الأصل لاحراز موضوع العام - هذا ولكن التعرض لكل ما قيل في المقام اوجله يوجب السأمة والملال والأولى صرف عنان الكلام إلى ما هو المختار على وجه يظهر الخلل في كثير من التقريبات التي أفادها الاعلام الكبار، وسيوافيك تفصيل القول في مباحث البراءة والاشتغال باذنه وتوفيقه سبحانه. فنقول تمحيص الحق يتوقف على بيان مقدمات نافعة في استنتاجه.
الأولى: تقدم القول في أن القوم قد أرسلوا اشتمال القضايا على النسبة في الموجبات والسوالب باقسامها، ارسال المسلمات وبنوا عليه ما بنوا، ولكن التحقيق، كما مر خلافه إذا الحملية كما سلف على قسمين حملية حقيقية غير مأولة وهى ما يحمل فيها المحمول على موضوعه بلا أدات تتوسط بينهما نحو: (الانسان حيوان ناطق) وقولك: (زيد قائم) وحملية مأوله وهى على خلاف الأولى تتوسط بينهما الأدات نحو (زيد في الدار)، والقسم الأول لا يشتمل على النسبة مطلقا لا على الكلامية ولا على الخارجية ولا فرق بين أن يكون الحمل أوليا أو شايعا صناعيا أو يكون الحمل على المصداق بالذات أو بالعرض كما لا فرق بين الموجبات والسوالب، غير أن الهيئة تدل في الموجبة على الهوهوية التصديقية وفى السالبة على سلب الهوهوية كذلك و قد تقدم براهين ذلك كله (عند البحث عن الهيئات) واما القسم الثاني فلا محالة يشتمل على النسبة، خارجية وكلامية وذهنية، (لكن) في الموجبات تدل على تحقق النسبة خارجا نحو قولك زيد على السطح، أو زيد في الدار، فإنهما من الحمليات المأولة كما أن السوالب منها باعتبار تخلل أدات النسبة وورود حرف السلب عليها تدل على سلب النسبة وتحكى عن عدم تحققها واقعا فظهر ان الكون الرابط أو النسبة يختص من بين القضايا بموجبات هذا القسم