العقلاء وما ورد من الآيات والاخبار كلها ارشاد إلى ذلك البناء وعليه فنقول: لا شك في حجية الخبر الواحد في الاخبار عن المحسوسات المتعارفة أو غير المحسوس إذا عده العرف لقربه إلى الحس، محسوسا، واما إذا كان المخبر به محسوسا، غريبا غير عادى أو مستنبطا بالحدس عن مقدمات كثيرة فللتوقف مجال، لعدم احراز وجود البناء في هذه المقامات فلو ادعى تشرفه أو سماع كلامه بين المجمعين، فلا يعبأ به،. وان شئت قلت: حجية الاخبار الآحاد مبنية على أمرين، عدم التعمد في الكذب، وعدم خطائه فيما ينقله، والأول مدفوع بعدالته ووثاقته سواء كان الاخبار عن حس أو حدس، واما الثاني فأصالة عدم الخطاء أصل عقلائي، ومورده، ما إذا كان المخبر به أمرا حسيا أو قريبا منه، واما إذا كان عن حدس أو حس لكن المخبر به كان أمرا غريبا عاديا، فلا يدفع احتمال الخطا بالأصل بل يمكن ان يقال إن أدلة حجية خبر الثقة غير واف لاثبات مثل الاخبار بالغرائب الا إذا انضم إلى دعواه قرائن وشواهد الثالث: ان الاجماع المنقول بخبر الواحد حجة بالنسبة إلى الكاشف إذا كان ذا اثر شرعي واما بالنسبة إلى المنكشف فليس بحجة لأنه ليس اخبارا عن أمر محسوس، فلا يشمله ما هو الحجة في ذلك الباب، وقياس المقام بالاخبار عن الشجاعة والعدالة غير مفيد، لان مباديهما محسوسة، فإنهما من المعقولات القريبة إلى الحس، ولأجل ذلك يقبل الشهادة عليهما، واما قول الإمام فهو مستنبط بمقدمات وظنون متراكمة كما لا يخفى الرابع: ان القوم ذكروا لاستكشاف قول الإمام عليه السلام طرقا أوجهها دعوى الملازمة العادية بين اتفاق المرئوسين على شئ ورضا الرئيس به، وهذا أمر قريب جدا، ولأجل ذلك لو قدم غريب بلادنا وشاهد اجراء قانون العسكرية في كل دورة وكورة يحدس قطعا ان هذا قانون قد صوب في مجلس النواب، واستقر عليه رأى من بيده رتق الأمور وفتقه واما ما افاده بعض أعاظم العصر: من أن اتفاقهم على أمر إن كان نشأ عن
(١٦٨)