بهذا التعليل ضعيف لأنه ليس العلة المنصوصة ليكون من الكبرى الكلية التي يتعدى عن موردها، فان المراد من قوله عليه السلام فان المجمع عليه لا ريب فيه، إن كان هو الاجماع المصطلح، فلا يعم الشهرة الفتوائية، وإن كان المراد منه المشهور فلا يصح حمل قوله مما لا ريب فيه عليه بقول مطلق، بل لابد أن يكون المراد منه عدم الريب بالإضافة إلى ما يقابله، وهذا يوجب خروج التعليل عن كونه كبرى كلية لأنه يعتبر في الكبرى الكلية صحة التكليف بها ابتداء بلا ضم المورد إليها كما في قوله: الخمر حرام لأنه مسكر فإنه يصح ان يقال: لا تشرب المسكر بلا ضم الخمر إليه، والتعليل الوارد في المقبولة لا ينطبق على ذلك لأنه لا يصح يقال: يجب الاخذ بكل ما لا ريب فيه بالإضافة إلى ما يقابله والا لزم الاخذ بكل راجح بالنسبة إلى غيره، وبأقوى الشهرتين وبالظن المطلق وغير ذلك من التوالي الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها، فالتعليل أجنبي عن أن يكون من الكبرى الكلية التي يصح التعدي عن موردها (انتهى) وفيه:
ان الكبرى ليست مجرد كون الشئ مسلوبا عنه الريب بالإضافة إلى غيره حتى يتوهم سعة نطاق الكبرى، بل الكبرى كون الشئ مما لا ريب فيه بقول مطلق عرفا بحيث يعد طرف الاخر شاذا نادرا لا يعبأ به عند العقلاء، وهذا غير موجود في الموارد الذي عده (قدس سره) فان ما ذكره من الموارد ليس مما لا ريب فيه عند العرف بحيث صار الطرف المقابل أمرا غريبا غير معتنى به بل الظاهر أن عدم الريب ليس من المعاني الإضافية حتى يقال لا ريب فيه بالنسبة إلى مقابله بل من المعاني النفسية التي لا يصدق الا مع فقد الريب بقول مطلق عن شئ فقوله لا ريب فيه كبرى كلية وكل ما كان كذلك عرفا يجب الاخذ به ولا يرد عليه ما جعله نقضا لذلك فتلخص مما ذكر حجية الشهرة الفتوائية الدائرة بين القدماء إذا كان موجبا للحدس بثبوت الحكم دون غيره من الشهرة في التفريعات الاجتهادية، (وسيوافيك بعض الكلام في مبحث التعادل والترجيح وان الشهرة الفتوائية على مضمون إحدى الروايتين يوجب سقوط الأخرى عن الحجية)