في قول القائل (يا أيها الناس)، كاف في شموله له وان وجد بعد زمن الخطاب، بمدة متراخية وما ذلك الا لأجل كون الخطاب كتبيا أو شبيها بذلك، وهو ليس بخطاب لفظي حقيقة، ولا يحتاج إلى مخاطب حاضر، و (اما) الأول أعني خطابات الذكر الحكيم فلان مشكلة الوحي وإن كانت عويصة عظيمة قلما يتفق لبشر ان يكشف مغزاه (1) لكنا مهما شككنا في شئ لا نشك في أن خطابات الله تعالى النازلة إلى رسوله لم تكن متوجهة إلى العباد، لا إلى الحاضرين في مجلس الوحي ولا الغائبين عنه ولا غيرهم كمخاطبة بعضنا بعضا ضرورة ان الوحي بنص الذكر الحكيم أعني قوله سبحانه نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين انما نزل على شخص رسوله صلى الله عليه وآله وكلام الله وخطاباته لم تكن مسموعة لاحد من الأمة، بل يمكن ان يقال بعدم وصول خطاب لفظي منه تعالى بلا واسطة إلى رسوله غالبا صلى الله عليه وآله أيضا، لأن الظاهر من الا - يأت والروايات ان نزول الوحي كان بتوسط امين الوحي جبريل وهو كان حاكيا لتلك الخطابات منه سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وآله فليس هنا خطاب لفظي حقيقي إذ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لم يكن طرف المخاطبة له تعالى، ولا المؤمنون المقتفون به، بل حال الحاضرين في زمن النبي ومجلس الوحي كحال غيرهم من حيث عدم توجه خطاب لفظي من الله سبحانه إليهم.
وبالجملة لو تأملت في أن خطابات الله وكلامه لم تكن مسموعة لاحد من الأمة، وان الوحي كان بتوسط أمينه بنحو الحكاية لرسوله صلى الله عليه وآله تعرف عدم خطاب لفظي من الله لا إلى نبيه ولا إلى عباده بل تلك الخطابات القرآنية كسائر الاحكام الذي لم يصدر بألفاظ الخطاب من غير فرق بينهما وتكون أشبه بالخطابات الكتابية،