ولكن داعويته ليس الا ايقاعيا، أي مبينا لموضوع الإطاعة فقط، لا محركا للمأمور نحو الامر، ضرورة ان العبد انما ينبعث عن المبادى الحاصلة في نفسه من الخوف والرجاء، واما مجرد الامر فليس محركا ولو مع العلم به، و (على هذا) فانبعاث العبد ليس من البعث حتى يقال إن الانبعاث متأخر عن البعث رتبة لعدم ملاك التأخر الرتبي واما تأخر الانبعاث عن البعث زمانا وتصورا، فهو لا يستلزم التأخر الرتبي الذي لا يتحقق الا بين العلل والمعاليل.
واما المقيس: فلو سلم في المقيس عليه لأجل ان الذات تارة يلاحظ معروضة فيصير متقدمة واخرى معلولة لدعوته، فتصير متأخرة، فلا نسلم في المقيس فان الجهات التعليلية، ليست الا علة لتعلق الحكم بالموضوع فهي مقدمة على الحكم وتعلقه بالموضوع، واما تقدمها علي الذات فلا وجه له، فلو قلنا: العصير العنبي يحرم لغليانه فهنا موضوع وحكم وعلة، فلا شك ان الذات مقدم على الغليان لكونه وصفا له، والحكم متأخر عن الوصف لكونه علة له (وعلى ذلك) فتقدم العلة على الحكم، تقدم رتبي، وتأخره عنها أيضا كذلك، و اما تقدمها على الذات، فليس له وجه، ولا ملاك، هذا مع أن القول بارتفاع التضاد بالجهات التقييدية أولى بارتفاعه من التشبث بالجهات التعليلية، فإنه يمكن ان يقال: إن بين عنواني الخمر والمشكوك فيه عموما من وجه، لتصادقهما في الخمر المشكوك فيه مع كونه خمرا في الواقع وتفارقهما في الخمر المعلومة، والمشكوك فيه إذا كان خلا، فيمكن أن يكون أحد العنوانين مصبا للحلية، واخرى للحرمة، كما في عنواني الصلاة والغصب لكن قد مر منا في مباحث القطع ما يرده أيضا، للفرق بين المقامين، فان الدليل الدال على وجوب الصلاة، غير ناظر إلى ما يدل على حرمة الغصب وهذا بخلاف المقام فان الأدلة المرخصة ناظرة إلى العناوين المحرمة، والشاهد عليه تحديد الحلية إلى زمن العلم بالخلاف، ولأجل ذلك، لا يجتمع الإرادة الحتمية التحريمية علي