ثالثا علم أصول الفقه:
وهو مجموعة القواعد الكلية التي تقع كبرى لقياس الاستنباط وتنتج بعد ضم صغرياتها إليها حكما شرعيا كليا أو وظيفة عملية. وهذا التعريف من أشهر التعاريف وأسدها لعلم الأصول. ولابد لذلك من توضيح وتمثيل، فأقول:
دل على مطهرية الأرض إجماع فقهائنا أولا رواية صحيحة عن زرارة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ثانيا.
إلا أن دلالة الإجماع والصحيحة على مطهرية الأرض تتوقف على مجموعة من الأصول والقواعد الكلية التي لابد من أن يضمها الفقيه إلى كل من هذين الدليلين ليتألف من كل منهما قياس ينتج الحكم بمطهرية الأرض.
فلابد أولا من إثبات حجية الإجماع، ومن دون إثبات حجية الإجماع لا يدل الإجماع المتقدم على الحكم الشرعي.
ولابد في دلالة صحيحة زرارة على الحكم المتقدم من إثبات حجية خبر الواحد الثقة ومن دون ذلك لا تدل الصحيحة على الحكم المتقدم ولابد من إثبات حجية الظهور العرفي للكلام. ومن دون إثباتها لا تدل الرواية على هذا الحكم.
ولابد بعد ذلك من أن يعتمد الفقيه قواعد علمية لعلاج التعارض، إذا كان لصحيحة زرارة روايات معارضة.
وهذه القواعد وأمثالها هي التي يبحث عنها علم الأصول. وهي تقع كبرى القياس الاستنباطي الذي يتوصل الفقيه من خلاله إلى الحكم الشرعي بعد أن يضم إليه صغرى القياس، وهو الإجماع والصحيحة في المثال المتقدم.
ويطلق على هذه الأحكام في أصول الفقه بالأحكام الواقعية وعلى أدلتها بالأدلة الاجتهادية.
وقد لا يتوصل الفقيه من خلال الأدلة الاجتهادية إلى الحكم الشرعي الواقعي...
فيلجأ عندئذ إلى اكتشاف الوظيفة العملية والموقف العملي في ظرف الجهل