تعارض الروايات المروية عنهم (عليهم السلام)... وقد يحصل التعارض أحيانا بسبب الظروف السياسية التي كانت تضطرهم (عليهم السلام) إلى استخدام التقية، كما كان يحصل بسبب انتشار ظاهرة انتحال الحديث (عليهم السلام)، وغير ذلك من الأسباب، وكان لابد من علاج لهذه الحالات من التعارض.
ومن هذه الوجوه ورود عمومات وخصوصات ومطلقات وتقييدات في حديثهم (عليهم السلام) وكان لابد من طريقة علمية لتخصيص العمومات بالمخصصات والمطلقات بالمقيدات.
ومن هذه الوجوه خلو الواقعة أحيانا من النصوص والحجج الشرعية من الكتاب والسنة أو عدم وفاء الحجج الشرعية بالحكم الشرعي، حيث يضطر الفقيه إلى البحث عن الوظيفة العملية في ظرف فقدان الدليل والشك والجهل بالحكم الشرعي.
ولهذه الوجوه وأمثالها كان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يوجهون علماء مدرستهم إلى استعمال الآليات العلمية المقررة في أمثال هذه الموارد لاستنباط الحكم الشرعي الواقعي أو الوظيفة الشرعية عند فقدان الدليل على الحكم الشرعي الواقعي.
وكانوا يطلبون منهم أن يأخذوا منهم (عليهم السلام) الأصول، ثم يمارسوا التفريع عليها بموجب القواعد والأصول الصحيحة.
روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم التفريع.
وعن الرضا (عليه السلام) قال: علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع.
الآليات الأصولية في حديث أهل البيت (عليهم السلام):
وقد ورد ذكر الآليات الأصولية التي تمكن الفقيه من الاستنباط في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) كثيرا ونحن نشير فيما يلي إلى بعضها للاستشهاد والمثال:
جاء في حجية خبر الثقة:
سأل أحمد بن إسحاق أبا محمد (عليه السلام) عمن يأخذ أحكام دينه، فقال: العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان.