بعدم بيان دخلها في الغرض يتم الاطلاق، بخلاف القسم الأول فإنها من جهة قابليتها للانفكاك ففي فرض دخلها في الغرض يجب إقامة البيان على دخلها في الغرض، والا يلزم الاخلال بالغرض الذي هو مستحيل من الحكيم، فيستكشف من عدم بيانه عدم دخلها في المطلوب، وعليه فإذا كان قيد الحضور المحتمل دخله من القيود اللازمة الغير المفارقة عن الموجودين الحاضرين في زمن الخطاب، بحيث لا يلزم من عدم ذكره وبيانه على تقدير دخله اخلال بالغرض، فلا جرم لا يتم امر الاطلاق كما لا يخفى.
فمدفوع بأنه كك إذا لم يكن القيد المحتمل دخله من القيود الخفية المغفول عنها غالبا، والا فمع فرض كونه غير ملتفت إليه بحسب الغالب فلا يكاد يفيد مجرد وجدان القيد في الاكتفاء به عن ذكره وبيانه، بل لابد من إقامة البيان على دخله في غرضه ومطلوبه لئلا يأخذ المكلف باطلاق كلامه حتى في غير مورد وجود القيد، والا لأخل بغرضه ومرامه.
وبهذه الجهة أيضا قلنا بصحة التمسك بالاطلاق لنفى دخل مثل قصد القربة والوجه والتميز في العبادة، بملاحظة كونها من القيود الخفية المغفول عنها غالبا. ففي المقام أيضا نقول: بان قيد الحضور وان كان من القيود الملازمة الغير المنفكة عن الموجودين في زمان الخطاب، ولكن لما كان مغفولا عنه وغير ملتفت إليه غالبا فعلى تقدير دخله في التكليف لابد للمولى من بيانه والتصريح بدخله في مرامه ومطلوبه، كي لا يأخذ المكلفون باطلاق الحكم والتكليف الذي هو مفاد الخطاب، ولا يصح له الاكتفاء عن ذكره وبيانه بوجدان المخاطبين في مجلس الخطاب للخصوصية، والا لأخل بغرضه ومرامه. وحينئذ فعلى ذلك فنفس الخطاب وان كان غير قابل للشمول لغير الحاضرين في مجلس الخطاب الا ان الحكم المتكفل له الخطاب بمقتضي عموم العنوان الواقع في التلو يعم الغائبين والمعدومين أيضا.
بل ومن ذلك البيان ظهر صحة التمسك بقاعدة الاشتراك أيضا في اثبات التعميم وذلك انما هو باجراء أصالة الاطلاق أولا في حق الموجودين المخاطبين في نفى احتمال مدخلية خصوصية قيد الحضور ثم تسرية الحكم بقاعدة الاشتراك القاضية بعدم مدخلية الخصوصيات الذاتية في حق غيرهم من الغائبين، حيث إنه بمقتضي هاتين القاعدتين يثبت التكليف المستفاد من الخطابات في حق غير المشافهين ولو كان الخطاب بمثل قوله:
يجب عليكم كذا وكذا.