حيث إن لازم آلية المعنى فيها حينئذ هو كونه غير ملتفت إليه عند الاستعمال، من جهة كونه ملحوظا باللحاظ العبوري المرآتي، ولازم ذلك لا محالة هو امتناع التقييد رأسا، بلحاظ ان صحة التقييد فرع الالتفات إلى المعنى، فمع فرض عدم الالتفات إليه عند الاستعمال فلا جرم يمتنع تقييده أيضا، ولكن عمدة الاشكال على ذلك في أصل هذا المبنى لما ذكرنا فساده في محله وقلنا بان معاني الحروف وكذا الهيئات انما هي من سنخ الارتباطات الذهنية المتقومة بالطرفين وان الفرق بينها وبين الأسماء انما هو من جهة ذات المعنى والملحوظ لا من جهة كيفية اللحاظ فقط، وعليه فلا مجال لهذا الاشكال من هذه الجهة أيضا، كما هو واضح.
وحينئذ يبقى الكلام في الاشكال الأول في أصل استفادة الحكم السنخي بل وتصوره ثبوتا بملاحظة جزئية الموضوع له في الحروف والهيئات، وفي ذلك نقول: بانا وان أجبنا عن ذلك سابقا بكلية المعنى فيها، من جهة ما تصورناه في مبحث الحروف من القسم الآخر من عموم الوضع والموضوع له في الحروف غير عام الوضع والموضوع له المشهوري، ولكن التأمل التام فيه يقتضي عدم اجداء هذا النحو من الكلية لدفع هذا الاشكال، والوجه فيه هو ان ذلك المعنى العام والقدر المشترك الذي تصورناه لما لا يمكن تصوره واحضاره في الذهن الا في ضمن إحدى الخصوصيات فلا جرم لا يكاد يمكن ان يوجد في ذهن المتكلم عند استعمالها، بمثل قوله: الماء في الكوز أو زيد على السطح وسرت من البصرة إلى الكوفة، الا اشخاص النسب الخاصة والارتباطات المخصوصة كما هو ذلك على القول بخصوص الموضوع له فيها أيضا، وفي مثله يتوجه الاشكال المزبور بان الموجود في ذهن المتكلم عند استعمال الهيأة بقوله: أكرم زيدا ان جائك، بعد أن لم يكن الا شخص نسبة وربط خاص قائم بالطرفين فلا جرم لا يتصور له الاطلاق الفردي حتى يتصور فيه السنخ فيكون هو المعلق على الشرط أو الوصف المذكور في القضية فينتج الانتفاء عند الانتفاء، وحينئذ فهذا النحو من عموم الوضع والموضوع له في الحروف غير مجد لدفع الاشكال في المقام لأنه بحسب النتيجة كالقول بخصوص الموضوع له فيها.
فعلى ذلك فلابد من التصدي لدفعه بوجه آخر غير ذلك فنقول: ان قصارى ما يمكن ان يقال في دفع الاشكال وجهان:
أحدهما: ما افاده الأستاذ دام ظله في الدورة السابقة، وحاصله هو ان دلالة الهيأة