رابعة النهار وانه لا يمكن فعلية الإرادة الغيرية بدون فعلية الإرادة النفسية لذيها باعتبار رجوعه إلى تحقق المعلول بدون تحقق علته.
فلا محيص حينئذ بمقتضى ما ذكرنا من الالتزام في جميع الواجبات المشروطة بفعلية الطلب فيها قبل حصول شرطها، غايته انه يفكك فيها كما ذكرنا بين الفعلية وبين الفاعلية فيجعل فاعلية الطلب في ظرف حصول المنوط به في الخارج الذي هو ظرف اتصاف الذات بالمصلحة.
فتمام المنشأ حينئذ لتوهم عدم فعلية الطلب في المشروطات قبل حصول الشرط في موطن الخارج وجعل القضايا الطلبية من سنخ القضايا الحقيقية بالمعنى المصطلح انما هو من جهة خلط هذه الصفات الذهنية من الإرادة والاشتياق و المحبة وغيرها بالاعراض الخارجية التي ظرف عروضها الخارج كالحرارة والبرودة و الاحكام المجعولة كالملكية ونحوها مما ظرف عروضها واتصافها هو الخارج ومقايسة أحدهما بالآخر، ولكنك بعد التأمل فيما ذكرنا في هذه الصفات من عدم احتياجها في فعليتها إلى وجود المتعلق خارجا لكونها مما ظرف عروضها الذهن وان الخارج ظرف اتصافها ترى أجنبية القضايا الطلبية بقول مطلق عن القضايا الحقيقية وانها ليست مما يوجب فرض وجود الموضوع فيها فرض الحكم كما في الأحكام الوضعية من نحو الملكية.
نعم لو قيل بان الأحكام التكليفية مجعولة بحقايقها كالأحكام الوضعية في المعاملات لأمكن دعوى كونها من سنخ القضايا الحقيقية التي كان فرض وجود الموضوع موجبا لفرض محموله وفعلية وجود الموضوع لفعلية محموله، ولكن ذلك أيضا فاسد جدا من جهة وضوح ان لب الأحكام التكليفية وروحها ليس الا عبارة عن الإرادة الفعلية وابرازها بانشاء أو اخبار، وشئ منهما لا يكون مجعولا، من جهة كون أحدهما من مقولة الكيف و الآخر من مقولة الفعل، فلم يكن حينئذ شئ يكون من الاعتبارات الجعلية حتى يتعلق به الجعل حتى يحتاج في فعليته إلى فعلية وجود موضوعه في الخارج كما في الأحكام الوضعية في المعاملات من نحو الملكية ونحوها كما هو واضح. نعم الذي تحتاج إلى فعلية وجود الموضوع خارجا انما هو مرتبة فاعلية هذه الإرادة المبرزة ومحركيتها بحيث يحتاج إلى تطبيق الموضوع في الخارج، ولكن هذه المرتبة كما ذكرنا مرتبة تأثير الخطاب في حكم العقل بلزوم الامتثال لا مرتبة نفس الخطاب بمضمونه فلا يقتضي حينئذ احتياج الإرادة في مقام