ان المستفاد منها هو كون مصبها مورد الاضطرار إلى الطبيعة على الاطلاق، إذ عليه لا يكاد يتحقق موضوع لهذا البحث بالنسبة إلى الإعادة باعتبار اقتضاء الاضطرار إلى الطبيعة بقول مطلق للاضطرار إليها في تمام الوقت، وعلى ذلك نقول:
اما مثل قاعدة الميسور فلا شبهة في أن فيها اقتضاء عدم وفاء المأتي به الاضطراري بتمام الغرض والمصلحة، لوضوح ان الميسور من الشئ الذي هو نصفه أو ربعه لا يكون تمام الشئ حتى في مرحلة الوفاء بالمصلحة، وحينئذ فباب احتمال الاجزاء عن القضاء فيها بمناط الوفاء بتمام الغرض والمصلحة مسدود قطعا، وحينئذ فلو كان هناك إجزاء لابد وأن يكون بمناط المفوتية لمصلحة الخصوصية وفي مثله أمكن دعوى عدم استفادة الاجزاء من مثلها نظرا إلى عدم اقتضاء مجرد الامر بالميسور من الطبيعة في الوقت لعدم وجوب القضاء في خارج الوقت ولو من جهة عدم قابلية المقدار الفائت من المصلحة للاستيفاء. وحينئذ فإذا شك في قابليته للاستيفاء وعدم قابليته لذلك يرجع إلى الأصول على التفصيل المتقدم، وذلك أيضا بعد الفراغ عن عدم شمول دليل القضاء لصورة فوت بعض المصلحة واختصاصه صرفا أو انصرافا بفرض فوت تمام المصلحة كما هو التحقيق أيضا، والا فلا تنتهي النوبة إلى مقام الأصول بل يحكم بعدم الاجزاء ووجوب القضاء بنفس أدلة القضاء، كما هو واضح. هذا إذا كان مصب القاعدة هو الطبيعة كما في الاضطرار الطاري قبل الاشتغال بالعمل.
واما لو كان مصبها هو الفرد كما في الاضطرار الطاري في حال الاشتغال بالعمل فيمكن استفادة الاجزاء من القاعدة المزبورة حتى بالنسبة إلى الإعادة بناء على جريانها حينئذ حتى مع القطع بطرو الاختيار فيما بعد بتقريب: ان قضية قاعدة الميسور حينئذ انما هو لزوم الاتيان بالميسور من هذا الفرد الذي اقتضى وجوب اتمامه دليل الامر بالطبيعة و قضية لزوم اتيانه بالميسور منه انما هو اتيانه بعنوان الفردية للطبيعة كما لو كم يطرء في البين اضطرار، وقضية ذلك هو الاجزاء لا محالة وعدم وجوب الإعادة والقضاء. ولكن الأستاذ دام ظله لم يفرق بين الاضطرار الطاري قبل الاشتغال بالعمل وبين الاضطرار الطاري بعد الاشتغال بالعمل، ولكن عمدة نظره إلى انكار متعلق الامر بالاتمام بالنسبة إلى مثل هذا الفرد الذي طرأ الاضطرار بترك بعض اجزائه وشرائطه ولو مع العلم بالتمكن من الاتيان بالطبيعة في ضمن فرد آخر.