عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٠
وذهب المعتزلة إلى أن معنى النسخ (1) يصح في شكر النعمة، لأنه يجوز أن يفعل المنعم من الإسائة ما يوفي على النعمة، فيبطل الشكر عليها، وذلك يصح على مذهبهم في الإحباط (2) لا على ما نذهب إليه من فساد القول بالإحباط (2) لأن

(١) زيادة من النسخة الثانية.
(٢) مما يعد من الضروريات عند المسلمين كون الكفر يزيل استحقاق ثواب الطاعات السابقة، وأن الإيمان يزيل استحقاق عقاب المعاصي السابقة، كما أنه لا خلاف في استحقاق المكلف للثواب والعقاب الأخرويين إذا تفرد بالطاعة أو تفرد بالمعصية، وأما إذا جمع بين المعاصي والطاعات ففي هذا الحال إما أن تتساوى الطاعات والمعاصي أو تزيد إحداهما على الأخرى، ففي صورة التساوي فإن المعتزلة متفقون على عدم إمكان وقوعها لاستحالة استواء الثواب والعقاب عندهم، ولأنه يلزم دخول العاصي للجنة والمطيع إلى النار (انظر استدلال القاضي عبد الجبار في كتاب " شرح الأصول الخمسة " ص ٦٢٣). وأما في صورة زيادة الطاعات على المعصي أو العكس، فقد اختلف المتكلمون في أنه هل يجوز اجتماع واستحقاق والعقاب والثواب من غير أن يزيل ويحبط أحدهما الآخر أم لا؟، فالمعتزلة ترى أن الثواب يسقط بوجهين: أحدهما:
ندم الفاعل على ما أتى به من الطاعات، والثاني: إتيانه بمعصية هي أعظم منه، أي أن الأكثر يزيل الأقل ويسقطه، وهذا هو معنى الإحباط والتكفير عندهم، أي إن الأكثر يحبط الأقل ويكفره. والبدع لهذا النظرية هو أبو علي الجبائي، فقد نسب إليه قوله: " إن من الذنوب كبائر وصغائر، وإن الصغائر يستحق غفرانها باجتناب الكبائر، وإن الكبائر تحبط الثواب على الإيمان، واجتناب الصغائر يحبط عقاب الكبائر... " [انظر مذاهب الإسلاميين للأشعري ط ريتر ص ٢٧٠ وط مصر ١: ٣٠٥] وبعبارة أوضح حينما يكون العبد مطيعا وعاصيا في الدنيا فإنه يستحق العقاب والمدح الأخرويين، لكن في بعض الحالات يكون عظم المعصية بحيث يترجح جانب المعصية على الطاعة ويزيلها فلا يستحق العبد إلا العقاب والذم.
وأما الرأي السائد عند الإمامية: فهو عدم التحابط، وأن المكلف يعاقب على طاعته ويعاقب على عصيانه، يقول الشيخ المفيد: [أوائل المقالات: ٨٢ رقم ٦١]: " أقول: إنه لا تحابط بين المعاصي والطاعات ولا الثواب ولا العقاب، وهذا مذهب جماعة من الإمامية والمرجئة، وبنو نوبخت يذهبون إلى التحابط فيما ذكرناه ويوافقون في ذلك أهل الاعتزال ". وقال المصنف في " الإقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد: ص ١٩٣ ":
" ولا تحابط عندنا بين الطاعة والمعصية ولا بيت المستحق عليهما من ثواب وعقاب، ومتى ثبت استحقاق الثواب فإنه لا يزيله شئ من الأشياء، والعقاب إذا ثبت استحقاقه فلا يزيله شئ من الأشياء عندنا إلا التفضل " انظر: " الأحاديث الواردة في أصول الكافي ١: باب الذنوب ص ٢٦٨ و ١: باب الكبائر: ص ٢٧٦، كشف المراد: المسألة السابعة في الإحباط والتكفير، مناهج اليقين في أصول الدين: ٣٥٢، مذاهب الإسلاميين ١: ٢٩٨، شرح المواقف 8: 308 ".
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 417
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 421
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 424
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 431
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 436
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 447
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 449
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 465
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 467
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 485
11 في نسخ الحكم ببدل 491
12 في معنى البداء 495
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 499
14 النسخ في الاخبار 501
15 أقسام الخبر 503
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 506
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 514
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 518
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 527
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 534
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 537
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 543
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 554
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 563
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 569
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 575
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 582
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 587
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 590
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 601
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 628
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 639
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 647
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 653
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 665
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 669
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 723
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 727
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 733
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 739
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 741
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 752
43 الكلام في استصحاب الحال 755
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 759