تأخير البيان عن حال الخطاب لا يجوز، لا في العموم ولا في المجمل (1).
وقال كثير من أصحاب الشافعي: إن تأخير بيان المجمل يجوز، وامتنع من تأخير البيان في العموم وسائر ما ينبئ ظاهره عن المراد به، وهو قول أبي الحسن، وكان أبو عبد الله حكى عنه جواز تأخير البيان في المجمل، وخرج على قوله الامتناع من تأخير بيان العموم (1).
والذي أذهب إليه: أنه لا يجوز تأخير بيان العموم، ويجوز تأخير بيان المجمل، وهو الذي اختاره سيدنا المرتضى، وإليه كان يذهب شيخنا أبو عبد الله رحمهما الله (2).
والذي يدل على ذلك: أن العقلاء يستحسنون خطاب بعضهم لبعض بالمجمل، وإن لم يبنوا المراد به في الحال، ألا ترى أن القائل يقول لغلامه: " إذا كان يوم الجمعة ادخل السوق، واشتر الثياب، والفاكهة، وغير ذلك من الحوائج ما أثبته لك في رقعة " وإن لم يكتب الرقعة في الحال، وكذلك يقول بعض الرؤساء لوكيل له:
" اخرج إلى القرية الفلانية أو البلد الفلاني وتول العمل بها، واعمل في جباية الأموال، واستخرج الحقوق ما أكتب لك به تذكرة، وأثبتها لك " ويكون ذلك حسنا، وإن لم يكتب التذكرة في الحال، ويكون الغرض بجميع ذلك أن يعزم المخاطب وينطوي على امتثال جميع ما يأمره به ويبينه فيما بعد، وإذا كان ذلك حسنا في الشاهد وجب