قلنا: متى فرضنا انفراد الامام عن الاجماع فان ذلك لا يكون اجماعا، بل لو انفرد واحد من العلماء عند من خالفنا من الاجماع أخل ذلك باجماعهم. فان قيل: إذا كان المراعى في باب الحجة قول الإمام المعصوم فلا فائدة معلومة وهي انه قد لا يتعين لنا قول الإمام في كثير من الأوقات فيحتاج حينئذ إلى اعتبار الاجماع ليعلم باجماعهم ان قول المعصوم عليه السلام داخل فيهم، ولو تعين لنا قول المعصوم الذي هو الحجة لقطعنا على أن قوله هو الحجة، ولم نعتبر سواه على حال من الأحوال. ومتى فرضنا ان الزمان يخلو من معصوم حافظ للشرع لم يكن الاجماع حجة على وجه من الوجوه.
والذي يدل على ذلك: انه لا دليل على كونهم حجة لا من جهة العقل ولا من جهة الشرع، وإذا لم يكن دليل وجب القطع على نفى كونه حجة، لفقد ما يدل عليه.
ونحن نتبع ما يعتمده الخصوم في هذا الباب من جهة العقل والشرع معا، ونبين انه لا دلالة في شئ من ذلك اعتمد من قال إنهم حجة من جهة العقل، على أنهم مع كثرتهم وانتشارهم في البلاد واختلاف آرائهم وبعد همهم لا يجوز أن يجمعوا على خطأ ولو جاز ذلك لجاز أن يتفقوا على اكل طعام واحد، ولبس لباس واحد، وفعل واحد، ويأتي الشعراء الكثيرون بقصيدة واحدة في معنى واحد وغرض واحد، وكل ذلك يعلم بطلانه ضرورة، وفي صحة ذلك دليل على أنهم لا يجمعون على خطأ.
وهذا ليس بشئ، لان جميع ما ذكروه لا يشبه مسألة الاجماع لان جميعه تابع للدعاوى والآراء واختلاف الهمم، والعادة مانعة من اتفاقهم في الدعاوي والآراء