«ولما أن جاءت رسلنا» المذكورون بعد مفارقتهم لإبراهيم عليه السلام «لوطا سئ بهم» اعتراه المساءة بسبهم مخافة ان يتعرض لهم قومه بسوء وكلمة ان صلة لتأكيد ما بين الفعلين من الاتصال «وضاق بهم ذرعا» أي ضاق بشأنهم وتدبير امرهم ذرعه أي طاقته كقولهم ضاقت يده وبإزائه رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا به قادرا عليه وذلك أن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع «وقالوا» ريثما شاهدوا فيه مخايل التضجر من جهتهم وعاينوا أنه عجز عن مدافعة قومه بعد اللتيا والتي حتى آلت به الحال إلى أن قال لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد «لا تخف» أي من قومك علينا «ولا تحزن» أي على شئ وقيل بإهلاكنا إياهم «إنا منجوك وأهلك» مما يصيبهم من العذاب «إلا امرأتك كانت من الغابرين» وقرئ لننجينك ومنجوك من الإنجاء وأيا ما كان فمحل الكاف الجر على المختار ونصب أهلك بإضمار فعل أو بالعطف على محلها باعتبار الأصل «إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء» استئناف مسوق لبيان ما أشير اليه بوعد التنجية من نزول العذاب عليهم والرجز العذاب الذي يقلق المعذب أي يزعجه من قولهم ارتجز إذا ارتجس واضطرب وقرئ منزلون بالتشديد «بما كانوا يفسقون» بسبب فسقهم المستمر «ولقد تركنا منها» أي من القرية «آية بينة» هي قصتها العجيبة وآثار ديارها الخربة وقيل الحجارة الممطورة فإنها كانت باقية بعدها وقيل الماء الأسود على وجه الأرض «لقوم يعقلون» يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار وهو متعلق إما بتركنا أو بينة «وإلى مدين أخاهم شعيبا» متعلق بمضمر معطوف على أرسلنا قي قصة نوح عليه السلام أي وأرسلنا إلى مدين شعيبا «فقال يا قوم اعبدوا الله» وحده «وارجوا اليوم الآخر» أي توقعوه وما سيقع فيه من فنون الأهوال وافعلوا اليوم من الاعمال ما تأمنون غائلته وقيل وارجوا ثوابه بطريق إقامة المسبب مقام السبب وقيل الرجاء بمعنى الخوف «ولا تعثوا في الأرض مفسدين» «فكذبوه فأخذتهم الرجفة» أي الزلزلة الشديدة وفي سورة هود وأخذت الذين ظلموا الصيحة أي صيحة جبريل عليه السلام فإنها الموجبة للرجفة بسبب تمويجها للهواء وما يجاورها من
(٣٩)