«إن الذي فرض عليك القرآن» أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل به «لرادك إلى معاد» أي معاد معاد تمتد اليه أعناق الهمم وترنو إليه أحداق الأمم وهو المقام المحمود الذي وعدك ان يبعثك فيه وقيل هو مكة المعظمة على انه تعالى قد وعده وهو بمكة في أذية وشدة من أهلها انه يهاجر به منها ثم يعيده إليها بعز ظاهر وسلطان قاهر وقيل نزلت عليه حين بلغ الجحفة في مهاجره وقد اشتقاق إلى مولده ومولد آبائه وحرم إبراهيم عليه السلام فنزل جبريل عليه السلام فقال له أتشتاق إلى مكة قال نعم فأوحاها اليه «قل ربي أعلم من جاء بالهدى» وما يستحقه من الثواب والنصر ومن منتصب بفعل يدل عليه اعلم أي يعلم وقيل بأعلم على انه بمعنى عالم «ومن هو في ضلال مبين» وما استحقه من العذاب والاذلال يعنى بذلك نفسه والمشركين وهو تقرير للوعيد السابق وكذا قوله تعالى «وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب» أي سيردك إلى معادك كما القي إليك الكتاب وما كنت ترجوه «إلا رحمة من ربك» ولكن الفاه إليك رحمة منه ويجوز ان يكون استثناء محمولا على المعنى كأنه قيل وما القي إليك الكتاب الا رحمة أي لأجل الترحم «فلا تكونن ظهيرا للكافرين» بمداراتهم والتحمل عنهم والإجابة إلى طلبتهم «ولا يصدنك» أي الكافرون «عن آيات الله» أي عن قراءتها والعمل بها «بعد إذ أنزلت إليك» وفرضت عليك وقرئ يصدنك من أصد المنقول من صد اللازم «وادع» الناس «إلى ربك» إلى عبادته وتوحيده «ولا تكونن من المشركين» بمساعدتهم في الأمور «ولا تدع مع الله إلها آخر» هذا وما قبله للتهييج والإلهاب وقطع أطماع المشركين عن مساعدته عليه الصلاة والسلام لهم واظهار ان المنهى عنه في القبح والشرية بحيث ينهى عنه من لا يمكن صدوره عنه أصلا «لا إله إلا هو» وحده «كل شيء هالك إلا وجهه» الا ذاته فإن ما عداه كائنا ما كان ممكن في حد ذاته عرضة للهلاك والعدم «له الحكم» أي القضاء النافذ في الخلق «وإليه ترجعون» عند البعث للجزاء بالحق والعدل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرا طسم القصص كان له من الاجر بعدد من صدق موسى وكذب ولم يبق ملك في السماوات والأرض الا شهد له يوم القيامة انه كان صادقا
(٢٨)