القلاع الذاهبة فيها وقيل في السماء صفة لمحذوف معطوف على أنتم أي ولا من في السماء «وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير» يحرسكم مما يصيبكم من بلاء يظهر من الأرض أو ينزل من السماء ويدفعه عنكم «والذين كفروا بآيات الله» أي بدلائله التكوينية والتنزيلية الدالة على ذاته وصفاته وافعاله فيدخل فيها النشأة الأولى الدالة على تحقق البعث والآيات الناطقة به دخولا أوليا وتخصيصها بدلائل وحدانيته تعالى لا يناسب المقام «ولقائه» الذي تنطق به تلك الآيات «أولئك» الموصوفون بما ذكر من الكفر بآياته تعالى ولقائه «يئسوا من رحمتي» أي ييأسون منها يوم القيامة وصيغة الماضي للدلالة على تحققه أو يئسوا منها في الدنيا لإنكارهم البعث والجزاء «وأولئك لهم عذاب أليم» وفي تكرير اسم الإشارة وتكرير الاسناد وتنكير العذاب ووصفه بالأليم من الدلالة على كمال فظاعة حالهم ما لا يخفى أي أولئك الموصوفون بالكفر بآيات الله تعالى ولقائه وباليأس من رحمته الممتازون بذلك عن سائر الكفرة لهم بسبب تلك الأوصاف القبيحة عذاب لا يقادر قدره في الشدة والايلام «فما كان جواب قومه» بالنصب على أنه خبر كان واسمها قوله تعالى «إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه» وقرئ بالرفع على العكس وقد مر ما فيه في نظائره وليس المراد انه لم يصدر عنهم بصدد الجواب عن حجج إبراهيم عليه السلام إلا هذه المقالة الشنيعة كما هو المتبادر من ظاهر النظم الكريم بل إن ذلك هو الذي استقر عليه جوابهم بعد اللتيا والتي في المرة الأخيرة وإلا فقد صدر عنهم من الخرافات والأباطيل ما لا يحصى «فأنجاه الله من النار» الفاء فصيحة أي فألقوه في النار فأنجاه الله تعالى منها بأن جعلها عليه الصلاة والسلام بردا وسلاما حسبما بين في مواضع أخر وقد مر في سورة الأنبياء بيان كيفية إلقائه عليه الصلاة والسلام فيها وإنجائه تعالى إياه تفصيلا قيل لم ينتفع يومئذ بالنار في موضع أصلا «إن في ذلك» أي في إنجائه منها «لآيات» بينة عجيبة هي حفظه تعالى إياه من حرها وإخمادها في زمان يسير وإنشاء روض في مكانها «لقوم يؤمنون» وأما من عداهم فهم عن اجتلائها غافلون ومن الفوز بمغانم آثارها محرومون «وقال» أي إبراهيم عليه السلام مخاطبا لهم «إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا» أي لتتوادوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها وائتلافكم وثاني مفعولى اتخذتم محذوف أي أوثانا آلهة ويجوز أن يكون مودة هو المفعول بتقدير المضاف أو بتأويلها بالمودودة أو يجعلها نفس المودة مبالغة أي اتخذتم أو ثانا سبب المودة
(٣٦)