«أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل» وتتعرضون للسابلة أي الفاحشة حيث روى انهم كانوا كثيرا ما يفعلونها بالغرباء وقيل تقطعون سبيل النساء بالاعراض عن الحرث واتيان ما ليس بحرث وقيل تقطعون السبيل بالقتل واخذ المال «وتأتون في ناديكم» أي تفعلون في مجلسكم الجامع لأصحابكم «المنكر» كالجماع والضراط وحل الإزار وغيرها مما لا خير فيه من الأفاعيل المنكرة وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو الحذف بالحصى والرمي بالبنادق والفرقعة ومضغ العلك والسواك بين الناس وحل الإزار والسباب والفحش في المزاح وقيل السخرية بمن مر بهم وقيل المجاهرة في ناديهم بذلك العمل «فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين» أي فما كان جوابا من جهتهم شيء من الأشياء الا هذه الكلمة الشنيعة أي لم يصدر عنهم في هذه المرة من مرات مواعظ لوط عليه السلام وقد كان أوعدهم فيها بالعذاب واما ما في سورة الأعراف من قوله تعالى «وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم» الآية وما في سورة النمل من قوله تعالى فما كان جواب قومه الا ان قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم الآية فهو الذي صدر عنهم بعده هذه المرة وهي المرة الأخيرة من مرات المقاولات الجارية بينهم وبينه عليه الصلاة والسلام وقد مر تحقيقه في سورة الأعراف «قال رب انصرني» أي بإنزال العذاب الموعود «على القوم المفسدين» بابتداع الفاحشة وسنها فيمن بعدهم والاصرار عليها واستعجال العذاب بطريق الاستهزاء وانما وصفهم بذلك مبالغة في استنزال العذاب عليهم «ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى» أي بالبشارة بالولد والنافلة «قالوا» أي لإبراهيم عليه السلام في تضاعيف الكلام حسبما فصل في سورة هود وسورة الحجر «إنا مهلكو أهل هذه القرية» أي قرية سدوم والإضافة لفظية لان المعنى على الاستقبال «إن أهلها كانوا ظالمين» تعليل للاهلاك بإصرارهم على الظلم وتماديهم في فنون الفساد وأنواع المعاصي «قال إن فيها لوطا» فكيف تهلكونها «قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله» أرادوا انهم غير غافلين عن مكان لوط عليه السلام فيها بل عمن لم يتعرض له إبراهيم عليه السلام من اتباعه المؤمنين وانهم معتنون بشأنهم أتم اعتناء حسبما ينبئ عنه تصدير الوعد بالتنجية بالقسم أي والله لننجينه وأهله «إلا امرأته كانت من الغابرين» أي الباقين في العذاب أو القرية
(٣٨)