وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما «وجفان» جمع جفنة وهي الصفحة «كالجواب» كالحياض الكبار جمع جابية من الجباية لاجتماع الماء فيها وهي من الصفات الغالبة كالدابة وقرئ بإثبات الياء قيل كان يقعد على الجفنة الف رجل «وقدور راسيات» ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها «اعملوا آل داود شكرا» حكاية لما قيل لهم وشكرا نصب على انه مفعول له أو مصدر لإعملوا لان العمل للمنعم شكر له أو لفعله المحذوف أي أشكروا شكرا أو حال أي شاكرين أو مفعول به أي اعملوا شكرا «وقليل من عبادي الشكور» أي المتوفر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه أكثر أوقاته ومع ذلك لا يوفى حقه لان التوفيق للشكر نعمة تستدعي شكرا آخر لا إلى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر وروى أنه عليه الصلاة والسلام جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتى ساعة من الساعات إلا وإنسان من آل داود قائم يصلى «فلما قضينا عليه الموت» أي على سليمان عليه السلام «ما دلهم» أي الجن أو آله «على موته إلا دابة الأرض» أي الأرضة أضيفت إلى فعلها وقرئ بفتح الراء وهو تأثر الخشبة من فعلها يقال أرضت الأرضة الخشبة أرضا فأرضت أرضا مثل أكلت القوارح أسنانه أكلا فأكلت أكلا «تأكل منسأته» أي عصاه من نسأت البعير إذا طردته لأنها يطرد بها ما يطرد وقرئ منسأته بألف ساكنة بدلا من الهمزة وبهمزة ساكنة وبإخراجها بين بين عند الوقف ومنساءته عل مفعالة كميضاءة في ميضأة ومن ساته أي من طرف عصاه من سأة القوس وفيه لغتان كما في قحة بالكسر والفتح وقرئ اكلت منساته «فلما خر تبينت الجن» من تبينت الشيء إذا علمته بعد التباسه عليك أي علمت الجن علما بينا بعد التباس الامر عليهم «أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين» أي انهم لو كانوا يعلمون الغيب كما يزعمون لعلموا موته عليه الصلاة والسلام حينما وقع فلم يلبثوا بعده حولا في تسخيره إلى ان خر أو من تبين الشيء إذا ظهر وتجلى أي ظهرت الجن وان مع ما في حيزها بدل اشتمال من الجن أي ظهر ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب الخ وقرئ تبينت الجن على البناء للمفعول على ان المتبين في الحقيقة هو ان مع ما في حيزها لأنه بدل وقرئ تبينت الانس والضمير في كانوا للجن في قوله تعالى ومن الجن من يعمل وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه تبينت الانس ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب روى ان داود عليه السلام أسس بنيان بيت المقدس في موضع فسطاط موسى فتوفي قبل تمامه فوصى به إلى سليمان عليهما السلام فاستعمل فيه الجن والشياطين فباشروه حتى إذا حان اجله وعلم به سأل ربه ان يعمى عليهم موته حتى يفرغوا منه ولتبطل دعواهم علم الغيب فدعاهم فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلى متكئا على عصاه فقبض روحه وهو متكئ عليها فبقي كذلك وهم فيما أمروا به من الاعمال حتى اكلت الأرضة عصاه فخر ميتا وكانت الشياطين تجتمع حول محرابه
(١٢٦)