تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ١١٨
«إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها» لما بين عظم شأن طاعة الله ورسوله ببيان مآل الخارجين عنها من العذاب الأليم ومنال المراعين لها من الفوز العظيم عقب ذلك ببيان عظم شأن ما يوجبها من التكاليف الشرعية وصعوبة امرها بطريق التمثيل مع الايذان بأن ما صدر عنهم من الطاعة وتركها صدر عنهم بعد القبول والالتزام وعبر عنها بالأمانة تنبيها على انها حقوق مرعية أودعها الله تعالى المكلفين وائتمنهم عليها وأوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد وأمرهم بمراعاتها والمحافظة عليها وأدائها من غير اخلال بشيء من حقوقها وعبر عن اعتبارها بالنسبة إلى استعداد ما ذكر من السماوات وغيرها بالعرض عليها لاظهار مزيد الاعتناء بأمرها والرغبة في قبولهن لها وعن عدم استعدادهن لقبولها بالاباء والاشفاق منها لتهويل امرها وتربية فخامتها وعن قبولها بالحمل لتحقيق معنى الصعوبة المعتبرة فيها بجعلها من قبيل الأجسام الثقيلة التي يستعمل فيها القوى الجسمانية التي أشدها وأعظمها ما فيهن من القوة والشدة والمعنى ان تلك الأمانة في عظم الشأن بحيث لو كلفت هاتيك الاجرام العظام التي هي مثل في القوة والشدة مراعاتها وكانت ذات شعور وادراك لا بين قبولها وأشفقن منها ولكن صرف الكلام عن سننه بتصوير المفروض بصورة المحقق روما لزيادة تحقيق المعنى المقصود بالتمثيل وتوضيحه «وحملها الإنسان» أي عند عرضها عليه اما باعتبارها بالإضافة إلى استعداده أو بتكليفه إياها يوم الميثاق أي تكلفها والتزمها مع ما فيه من ضعف البنية ورخاوة القوة وهو اما عبارة عن قبوله لها بموجب استعداده الفطري أو عن اعترافه بقوله بلى وقوله تعالى «إنه كان ظلوما جهولا» اعتراض وسط بين الحمل وغايته للايذان من أول الامر بعدم وفائه بما عهده وتحمله أي انه كان مفرطا في الظلم مبالغا في الجهل أي بحسب غالب افراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة أو اعترافهم السابق دون من عداهم من الذين لم يبدلوا فطرة الله تبديلا والى الفريق الأول أشير بقوله تعالى «ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات» أي حملها الانسان ليعذب الله بعض افراده الذين لم يراعوها ولم يقابلوها بالطاعة على ان اللام للعاقبة فإن التعذيب وان لم يكن غرضا له من الحمل لكن لما ترتب عليه بالنسبة إلى بعض افراده ترتب الاغراض على الافعال المعللة بها ابرز في معرض الغرض أي كان عاقبة حمل الانسان لها ان يعذب الله تعالى هؤلاء من افراده لخيانتهم الأمانة وخروجهم عن الطاعة بالكلية والى الفريق الثاني أشير بقوله تعالى «ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات» أي كان عاقبة حمله ان يتوب الله تعالى على هؤلاء من افراده أي يقبل توبتهم لعدم خلعهم ربقة الطاعة عن رقابهم بالمرة وتلافيهم لما
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283