عطف على يقولون والعدول إلى صيغة الماضي للاشعار بأن قولهم هذا ليس مستمرا كقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضربا من التشفي بمضاعفة عذاب الذين القوهم في تلك الورطة وان علموا عدم قبوله في حق خلاصهم منها «ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا» يعنون قادتهم الذين لقنوهم الكفر وقرئ ساداتنا للدلالة على الكثرة والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار والا فهم في مقام التحقير والإهانة «فأضلونا السبيلا» بما زينوا لنا من الأباطيل والألف للاطلاق كما في وأطعنا الرسولا «ربنا آتهم ضعفين من العذاب» أي مثلي العذاب الذي آتيتناه لأنهم ضلوا وأضلوا «والعنهم لعنا كبيرا» أي شديدا عظيما وقرئ كثيرا وتصدير الدعاء بالنداء مكررا للمبالغة في الجؤار واستدعاء الإجابة «يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى» قيل نزلت في شأن زيد وزينب وما سمع فيه من قالة الناس «فبرأه الله مما قالوا» أي فأظهر براته صلى الله عليه وسلم مما قالوا في حقه أي من مضمونه ومؤداه الذي هو الامر المعيب وذلك أن قارون أغرى مومسة على قذفه عليه الصلاة والسلام بنفسها بأن دفع إليها مالا عظيما فأظهر الله تعالى نزاهته عليه الصلاة والسلام عن ذلك بأن أقرت المومسة بالمصانعة الجارية بينها وبين قارون وفعل بقارون ما فعل كما فصل في سورة القصص وقيل اتهمه ناس بقتل هارون عند خروجه معه إلى الطور فمات هناك فحملته الملائكة ومروا به حتى رأوه غير مقتول وقيل أحياه الله تعالى فأخبرهم ببراءته وقيل قذفوه بعيب في بدنه من برص أو أدرة لفرط تستره حياء فأطلعهم الله تعالى على براءته بأن فر الحجر بثوبه حين وضعه عليه عند اغتساله والقصة مشهورة «وكان عند الله وجيها» ذا قربة ووجاهة وقرئ وكان عبد الله وجيها «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله» أي في كل ما تأتون وما تذرون لا سيما في ارتكاب ما يكرهه فضلا عما يؤذي رسوله صلى الله عليه وسلم «وقولوا» في كل شأن من الشؤون «قولا سديدا» قاصدا إلى الحق من سد يسد سدادا يقال سدد السهم نحو الرمية إذا لم يعدل به عن سمتها والمراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب الجائر عن العدل والقصد «يصلح لكم أعمالكم» يوفقكم للأعمال الصالحة أو يصلحها بالقبول والإثابة عليها «ويغفر لكم ذنوبكم» ويجعلها مكفرة باستقامتكم في القول والعمل «ومن يطع الله ورسوله» في الأوامر والنهي التي من جملتها هذه التكليفات «فقد فاز» في الدارين «فوزا عظيما» لا يقادر قدره ولا يبلغ غايته
(١١٧)