لان ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيها قبلها «سنة الله في الذين خلوا من قبل» أي سن الله ذلك في الأمم الماضية سنة وهي ان يقتل الذين نافقوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وسعوا في توهين امرهم بالإرجاف ونحوه أينما ثقفوا «ولن تجد لسنة الله تبديلا» أصلا لابتنائها على أساس الحكمة التي عليها يدور فلك التشريع «يسألك الناس عن الساعة» أي عن وقت قيامها كان المشركون يسألونه صلى الله عليه وسلم عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء واليهود امتحانا لما ان الله تعالى عمى وقتها في التوراة وسائر الكتب «قل إنما علمها عند الله» لا يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا وقوله تعالى «وما يدريك» خطاب مستقل له صلى الله عليه وسلم غير داخل تحت الامر مسوق لبيان انها مع كونها غير معلومة للخلق مرجوة المجيء عن قريب أي أي شيء يعلمك بوقت قيامها أي لا يعلمك به شيء أصلا «لعل الساعة تكون قريبا» أي شيئا قريبا أو تكون الساعة في وقت قريب وانتصابه على الظرفية ويجوز ان يكون التذكير باعتبار أن الساعة في معنى اليوم أو الوقت وفيه تهديد للمستعجلين وتبكيت للمتعنتين والاظهار في حيز الاضمار للتهويل وزيادة التقرير وتأكيد استقلال الجملة كما أشير اليه «إن الله لعن الكافرين» على الاطلاق أي طردهم وابعدهم من رحمته العاجلة والآجلة «وأعد لهم» مع ذلك «سعيرا» نارا شديدة الاتقاد يقاسونها في الآخرة «خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا» يحفظهم «ولا نصيرا» بخلصهم منها «يوم تقلب وجوههم في النار» ظرف لعدم الوجدان وقيل لخالدين وقيل لنصيرا وقيل مفعول لا ذكر أي يوم تصرف وجوههم فيها من جهة إلى جهة كلحم يشوى في النار أو يطبخ في القدر فيدور به الغليان من جهة إلى جهة أو من حال إلى حال أو يطرحون فيها مقلوبين منكوسين وقرئ تقلب بحذف احدى التاءين من تنقلب ونقلب بإسناد الفعل إلى نون العظمة ونصب وجوههم وتقلب بإساده إلى السعير وتخصيص الوجوه بالذكر لما انها أكرم الأعضاء ففيه مزيد تفظيع للامر وتهويل للخطب ويجوز ان تكون عبارة عن كل الجسد فقوله تعالى «يقولون» استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية حالهم الفظيعة كأنه قيل فماذا يصنعون عند ذلك فقيل يقولون متحسرين على ما فاتهم «يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا» فلا نبتلى بهذا العذاب أو حال من ضمير وجوههم أو من نفسها أو هو العامل في يوم «وقالوا»
(١١٦)