ومنهم من جوزه، محتجا بقوله تعالى: * (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) *، والمراد آدم.
وقوله: * (والسماء وما بناها) *.
وقوله: * (ولا أنتم عابدون ما أعبد) *، أي الله.
فأما الأولى فقيل إنها مصدرية. وقال السهيلي: بل إنها وردت في معرض التوبيخ على امتناعه من السجود، وليستحق هذا من حيث كان السجود لما يعقل، ولكن لعلة أخرى، وهي المعصية والتكبر; فكأنه يقول: لم عصيتني وتكبرت ما على ما خلقته وشرفته؟ فلو قال: ما منعك أن تسجد لمن؟ كان استفهاما مجردا من توبيخ، ولتوهم أنه وجب السجود له من حيث كان يعقل، أو لعلة موجودة فيه أو لذاته; وليس كذلك.
وأما آية السماء; فلأن القسم تعظيم للمقسم به من حيث ما في خلقها من العظمة والآيات، فثبت لهذا القسم بالتعظيم كائنا ما كان. وفيه إيحاء إلى قدرته تعالى على إيجاد هذا الأمر العظيم، بخلاف قوله: " من " لأنه كان يكون المعنى مقصورا على ذاته دون أفعاله. ومن هذا يظهر غلط من جعلها بتأويل المصدر.
وأما * (ما أعبد) * فهي على بابها; لأنها واقعة على معبوده عليه السلام على الإطلاق; لأن الكفار كانوا يظنون أنهم يعبدون الله وهم جاهلون به، فكأنه قال: أنتم لا تعبدون معبودي.
ووجه آخر، وهو أنهم كانوا يحسدونه ويقصدون مخالفته كائنا من كان معبوده، فلا يصح في اللفظ إلا لفظة " ما " لإبهامها ومطابقتها لغرض أو لازدواج الكلام; لأن معبودهم لا يعقل، وكرر الفعل على بنية المستقبل حيث أخبر عن نفسه، إيماء إلى عصمة الله له عن