فمن الأول، والمعنى الإقلال، لمصاحبة اليد. وقولهم: " أصلح الله ذات بينه "، و " ذو اليد أحق ". انتهى.
وقال السهيلي: والإضافة ل " ذي " أشرف من الإضافة لصاحب، لأن: قولك: " ذو " يضاف إلى التابع، و " صاحب " يضاف إلى المتبوع، تقول: أبو هريرة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تقول: النبي صاحب أبي هريرة إلا على جهة ما، وأما " ذو " فإنك تقول فيها: ذو المال، وذو العرش، فتجد الاسم الأول متبوعا غير تابع، ولذلك سميت أقيال حمير بالأذواء، نحو: قولهم: ذو جدن، ذو يزن، في الإسلام أيضا:
ذو العين، وذو الشهادتين، وذو السماكين، وذو اليدين; هذا كله تفخيم للشئ، وليس ذلك في لفظة " صاحب " وبنى على هذا الفرق أنه سبحانه قال في سورة الأنبياء:
* (وذا النون) *، فأضافه إلى " النون " وهو الحوت، وقال في سورة القلم: * (ولا تكن كصاحب الحوت) *، قال: والمعنى واحد، لكن بين اللفظين تفاوت كبير في حسن الإشارة إلى الحالتين، وتنزيل الكلام في الموضعين، فإنه ذكر في موضع الثناء عليه ذو النون، ولم يقل صاحب النون، لأن الإضافة ب " ذي " أشرف من صاحب، ولفظ النون أشرف من الحوت، لوجود هذا الاسم في حروف الهجاء أوائل السور، وليس في اللفظ الآخر ما يشرفه لذلك. إلى تنزيل الكلام في الآيتين يلح لك ما أشرنا إليه في هذا الغرض; فإن التدبر لإعجاز القرآن واجب مفترض.
وقوله تعالى: * (وأصلحوا ذات بينكم) * أي الحال بينكم، وأزيلوا المشاجرة.
وتكون للإرادة والنية، كقوله: * (عليم بذات الصدور) *، أي السرائر.