قال ابن الشجري: تكون هذه في الأمر خاصة، وإنما شرط مجيئها بعد كلام تام، لأنها تفسير ولا موضع لها من الإعراب; لأنها حرف يعبر به عن المعنى.
وخرج بالأول * (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) *; لأن الكلام لم يتم، فإن ما قبلها مبتدأ وهي في موضع الخبر; ولا يمكن أن تكون ناصبة، لوقوع الاسم بعدها بمقتضى أنها المخففة من الثقيلة.
وأما قوله تعالى: * (وانطلق الملأ منهم أن امشوا) *; فقيل: إنها مفسرة، لإن الانطلاق متضمن لمعنى القول.
وقال الخليل: يريدون أنهم انطلقوا في الكلام بهذا، وهو امشوا، أي أكثروا يقال: أمشى الرجل ومشى، إذا كثرت ماشيته، فهو لا يريد: انطلقوا بالمشي الذي هو انتقال; إنما يريد: قالوا هذا.
وقيل: عبارة عن الأخذ في القول فيكون بمنزلة صريحه، وأن مفسرة.
وقيل مصدرية.
فإن قيل: قد جاءت بعد صريح القول، كقوله تعالى: * (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله) *.
قلنا: لا دلالة فيه، لاحتمال أنها مصدرية.
وقال الصفار: لا تتصور المصدرية هنا بمعنى " إلا عبادة الله "، لأن القول لا يقع بعده المفرد; إلا أن يكون هو المقول بنفسه، أو يكون في معنى المقول، نحو: قلت خبرا وشعرا، لأنهما في معنى الكلام، أو يقول: قلت " زيدا "، أي هذا اللفظ، وهذا لا يمكن في الآية; لأنهم لم يقولوا هذه العبارة، فثبت أنها تفسيرية، أي اعبدوا الله.