وقيل عن أبي حنيفة: تجوز قراءته بالفارسية مطلقا، وعن أبي يوسف: إن لم يحسن العربية; لكن صح عن أبي حنيفة الرجوع عن ذلك، حكاه عبد العزيز في " شرح البزرودي ".
واستقر الاجماع على أنه تجب قراءته على هيئته التي يتعلق بها الإعجاز لنقص الترجمة عنه، ولنقص غيره من الألسن عن البيان الذي اختص به دون سائر الألسنة. وإذا لم تجز قراءته بالتفسير العربي لمكان التحدي بنظمه. فأحرى أن لا تجوز الترجمة بلسان غيره; ومن هاهنا قال القفال من أصحابنا: عندي أنه لا يقدر أحد أن يأتي بالقرآن بالفارسية، قيل له: فإذن لا يقدر أحد أن يفسر القرآن، قال: ليس كذلك; لأن هناك يجوز أن يأتي ببعض مراد الله ويعجز عن البعض; أما إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فلا يمكن أن يأتي بجميع مراد الله، أي فإن الترجمة إبدال لفظه بلفظة تقوم مقامها، وذلك غير ممكن بخلاف التفسير.
وما أحاله القفال من ترجمة القرآن ذكره أبو الحسين بن فارس في فقه العربية أيضا فقال: " لا يقدر أحد من التراجم على أن ينقل القرآن إلى شئ من الألسن; كما نقل الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية والرومية، وترجمت التوراة والزبور وسائر كتب الله تعالى بالعربية; لأن العجم لم تتسع في الكلام اتساع العرب; ألا ترى أنك لو أردت أن تنقل قوله تعالى: * (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) * لم تستطع أن