وروى أيضا عن أبي العالية قال: " تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه من جبريل عليه السلام خمسا خمسا "، وفى رواية:
" من تعلمه خمسا خمسا لم ينسه ".
قال أصحابنا: تعليم القرآن فرض كفاية، وكذلك حفظه واجب على الأمة، صرح به الجرجاني في " الشافي " والعبادي وغيرهما. والمعنى فيه كما قاله الجويني ألا ينقطع عدد التواتر فيه، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف; فإن قام بذلك قوم سقط عن الباقين، وإلا فالكل آثم. فإذا لم يكن في البلد أو القرية من يتلو القرآن أثموا بأسرهم، ولو كان هناك جماعة يصلحون للتعليم وطلب من بعضهم وامتنع لم يأثم في الأصح; كما قاله النووي في " التبيان "; وهو نظير ما صححه في كتاب السير أن المفتى والمدرس لا يأثمان بالامتناع إذا كان هناك من يصلح غيره. وصورة المسألة فيما إذا كانت المصلحة لا تفوت بالتأخير; فإن كانت تفوت لم يجز الامتناع، كالمصلى يريد تعلم الفاتحة ولو رده لخرج الوقت بسبب ذهابه إلى الاخر، ولضيق الوقت عن التعليم.
وينبغي تعليمه على التأليف المعهود; فإنه توقيفي; وقد ورد عن ابن مسعود: سئل عن الذي يقرأ القرآن منكوسا قال: ذاك منكوس القلب.
قال أبو عبيد: وجهه عندي أن يبتدئ من آخر القرآن من آخر المعوذتين; ثم يرتفع إلى البقرة; كنحو ما تفعل الصبيان في الكتاب، لأن السنة خلاف هذا; وإنما وردت الرخصة في تعليم الصبى والعجمي من المفصل لصعوبة السور الطوال عليهما.