تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٥٩٠
صحيحة وقال سعيد بن جبير كانت طيرا حضرا لها مناقير صفر تختلف عليهم وعن ابن عباس ومجاهد وعطاء كانت الطير الأبابيل مثل التي يقال لها عنقاء مغرب ورواه عنهم ابن أبي حاتم. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا عبيد الله بن محمد بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار حجرين في رجليه وحجرا في منقاره قال فجاءت حتى صفت على رؤوسهم ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها فما يقع حجر على رأس رجل إلا خرج من دبره ولا يقع على شئ من جسده إلا خرج من الجانب الآخر وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا وقال السدي عن عكرمة عن ابن عباس حجارة من سجيل قال طين في حجارة سنك وكل وقد قدمنا بيان ذلك بما أغنى عن إعادته ههنا وقوله تعالى " فجعلهم كعصف مأكول " قال سعيد بن جبير يعني التبن الذي تسميه العامة هبور وفي رواية عن سعيد ورق الحنطة وعنه أيضا العصف التبن والمأكول القصيل يجز للدواب وكذلك قال الحسن البصري وعن ابن عباس العصف القشرة التي على الحبة كالغلاف على الحنطة.
وقال ابن زيد العصف ورق الزرع وورق البقل إذا أكلته البهائم فراثته فصار درينا والمعنى أن الله سبحانه وتعالى أهلكهم ودمرهم وردهم بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرا وأهلك عامتهم ولم يرجع منهم مخبر إلا وهو جريح كما جرى لملكهم أبرهة فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء وأخبرهم بما جرى لهم ثم مات فملك بعده ابنه يكسوم ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة. ثم خرج سيف بن ذي يزن الحميري إلى كسرى فاستعانه على الحبشة فأنفذ معه من جيوشه فقاتلوا معه فرد الله إليهم ملكهم وما كان في آبائهم من الملك وجاءته وفود العرب بالتهنئة. وقد قال محمد بن إسحاق: حدثنا عبد الله بن أبي بكير عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان. ورواه الواقدي عن عائشة مثله ورواه عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت كانا مقعدين يستطعمان الناس عند أساف ونائلة حيث يذبح المشركون ذبائحهم " قلت " كان اسم قائد الفيل أنيسا. وقد ذكر الحافظ أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن عثمان بن المغيرة قصة أصحاب الفيل ولم يذكر أن أبرهة قدم من اليمن وإنما بعث على الجيش رجلا يقال له شمر بن مقصود وكان الجيش عشرين ألفا وذكر أن الطير طرقتهم ليلا فأصبحوا صرعى وهذا السياق غريب جدا وإن كان أبو نعيم قد قواه ورجحه على غيره والصحيح أن أبرهة الأشرم قدم من مكة كما دل على ذلك السياقات والاشعار. وهكذا روي عن ابن لهيعة عن الأسود عن عروة أن أبرهة بعث الأسود بن مقصود على كتيبة معهم الفيل ولم يذكر قدوم أبرهة نفسه. والصحيح قدومه ولعل ابن مقصود كان على مقدمة الجيش والله أعلم ثم ذكر ابن إسحاق شيئا من أشعار العرب فيما كان من قصة أصحاب الفيل فمن ذلك شعر عبد الله بن الزبعرى:
تنكلوا عن بطن مكة إنها * كانت قديما لا يرام حريمها لم تخلق الشعرى ليالي حرمت * إذ لا عزيز من الأنام يرومها سائل أمير الجيش عنها ما رأى * فلسوف ينبي الجاهلين عليمها ستون ألفا لم يؤبوا أرضهم * بل لم يعش بعد الإياب سقيمها كانت بها عاد وجرهم قبلهم * والله من فوق العباد يقيمها وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري المدني:
ومن صنعه يوم فيل الحبو * ش إذ كل ما بعثوه رزم محاجنهم تحت أقرابه * وقد شرموا أنفه فانخرم
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615